للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاختلاف في سبب نزول الآية]

وقال ابن عبد البرّ، والاختلاف في المراد بهذه الآية كثير مضطرب جدا، قيل: نزلت في المقداد، وقيل: نزلت في أسامة بن زيد، وقيل: في محلّم بن جثامة.

وقال ابن عباس: نزلت في سريّة، ولم يسمّ أحدا. وقيل: نزلت في غالب الليثي من بني ليث، يقال له: فليت، كان على السّريّة، وقيل: نزلت في أبي الدّرداء.

وهذا اضطراب شديد جدا [ (١) ] .

[غزوة الفتح وسببها]

ثم كانت غزوة الفتح. وسببها أن أنس بن زنيم الدّيليّ هجا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فسمعه غلام من خزاعة فضربه فشجّه، فثار الشّرّ بين بني بكر [حلف قريش] ، وبين خزاعة [حلف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم] . فلما دخل شعبان على رأس اثنين وعشرين شهرا من صلح الحديبيّة-[وقال ابن إسحاق: فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا]- كلمت بنو نفاثة من بني الدّيل أشراف قريش أن يعينوها بالرجال والسلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك. وخرج إليهم صفوان بن أمية ومكرز بن حفص بن الأخيف [ (٢) ] ، وحويطب بن عبد العزّى، وشيبة بن عثمان وسهيل بن عمرو، وأجلبوا معهم أرقّاءهم فبيّتوا- مع بني بكر ورأسهم نوفل بن معاوية الدّؤليّ- خزاعة ليلا وهم آمنون [ (٣) ] ، فقتلوا منهم ثلاثة وعشرين رجلا، وذلك على ماء يقال له الوتير قريب من مكة، وعامتهم نساء وصبيان وضعفة الرّجال، حتى أدخلوهم دار بديل بن ورقاء، وقيل: حتى انتهوا بهم إلى أنصاب الحرم [ (٤) ] .

[ندم قريش على نقض العهد]

وندمت قريش، وعرفوا أن هذا الّذي صنعوا نقض [ (٥) ] للمدة والعهد الّذي بينهم وبين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم. وجاء الحارث بن هشام وجماعة إلى صفوان بن أمية


[ (١) ] راجع أسباب النزول للواحدي ص ١٢٧- ١٣٠.
[ (٢) ] في (خ) «الأحيف» .
[ (٣) ] ذكر (ابن سعد) ج ٢ ص ١٣٤ أنهم خرجوا «متنكرين متنقبين» .
[ (٤) ] أنصاب الحرم: حدوده التي تفصل بين الحل والحرام.
[ (٥) ] في (خ) «نقضا» .