للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلاهما بعد العصر مرة واحدة.

الحادية والأربعون: هل كان صلى اللَّه عليه وسلّم يحتلم؟

على وجهين صحح النووي المنع ويشكل عليه ما خرجاه في صحيحهما [ (١) ] من حديث عائشة رضى اللَّه عنها كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يصبح جنبا من جماع من غير احتلام ثم يغتسل ويصوم، والأظهر في هذا التفصيل وهو أن يقال: أن الاحتلام فيض من البدن فلا مانع من هذا وإن أريد به ما يتحصل من تلاعب الشيطان فهو صلى اللَّه عليه وسلّم معصوم من ذلك، ولهذا لا يجوز عليه الجنون ويجوز عليه الإغماء بل قد أغمى عليه في الحديث الّذي روته عائشة في الصحيح وفيه أنه اغتسل من الإغماء غير مرة وعن القاضي حسين أن حكى عن الداركى أن الإغماء انما يجوز على الأنبياء ساعة أو ساعتين فأما الشهر والشهران فلا، وفي الطبراني من حديث ابن عباس يرفعه ما احتلم نبي قط إنما الاحتلام من الشيطان وقد ضعف هذا الحديث واللَّه أعلم [ (٢) ] .


[ (١) ] (فتح الباري) : ٤/ ١٩٢، كتاب الصوم، باب (٢٥) اغتسال الصائم، حديث رقم (١٩٣٠) ، (١٩٣١) ، (١٩٣٢) .
(مسلم بشرح النووي) : ٧/ ٢٢٧- ٢٣١، كتاب الصيام، باب (١٣) صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، حديث رقم (٧٥) ، (٧٦) ، (٧٧) ، (٧٨) ، (٧٩) ، (٨٠) . قولها: «كان يصبح جنبا من غير حلم» هو بضم الحاء، وبضم اللام وإسكانها، وفيه دليل لمن يقول بجواز الاحتلام للأنبياء، وفيه خلاف قدمناه، الأشهر امتناعه.
قالوا: إنه من تلاعب الشيطان، وهم منزهون عنه. ويتأولون هذا الحديث على أن المراد يصبح جنبا من جماع، ولا يجنب صلى اللَّه عليه وسلّم من احتلام لامتناعه منه، ويكون قريبا من معنى قول اللَّه تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ. ومعلوم أن قتلهم لا يكون بحق.
(تفسير ابن كثير) : ١/ ٢٢٩، عند تفسير قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة: ١٨٧] .