للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه عنهما فقال: أدركا امرأة من مزينة، قد كتب معها حاطب كتابا يحذر قريشا.

فخرجا، فأدركاها، فاستنزلاها، والتمساه [ (١) ] في رحلها فلم يجدا [ (٢) ] شيئا. فقالا لها: إنا نحلف باللَّه ما كذب رسول اللَّه ولا كذبنا، ولتخرجنّ هذا الكتاب! أو لنكشفنّك! فلما رأت منهما الجد قالت: أعرضا عنّي! فأعرضا عنها، فحلّت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب. فجاءا به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فدعا حاطبا فقال: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول اللَّه! واللَّه إني لمؤمن باللَّه ورسوله، ما غيّرت ولا بدّلت، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم. فقال عمر رضي اللَّه عنه: قاتلك اللَّه! ترى رسول اللَّه يأخذ بالأنقاب، وتكتب إلى قريش تحذرهم!! دعني يا رسول اللَّه أضرب عنقه فإنه قد نافق. فقال: وما يدريك يا عمر؟ لعل اللَّه اطّلع يوم بدر على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم [ (٣) ] ،

وأنزل اللَّه في حاطب: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ [ (٤) ] .

ومضت سارّة إلى مكة، وكانت مغنّية، فأقبلت تتغنى بهجاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وقد ارتدت عن الإسلام.

[دعوة المسلمين من القبائل]

فلما أبان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الغزو، أرسل إلى أهل البادية وإلى من حوله من


[ (١) ] في (خ) «والتماساه» .
[ (٢) ] في (خ) «فلم يجد» .
[ (٣) ] أخرجه أبو داود ج ٣ ص ١٠٨، ١٠٩، ١١٠، باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، حديث رقم ٢٦٥٠، أخرجه (البخاري) في المغازي، باب فضل من شهد بدرا، وفي التفسير، تفسير سورة الممتحنة، وفي الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا و (مسلم) في فضائل أهل بدر، و (الترمذي) في التفسير، تفسير سورة الممتحنة، و (الدارميّ) في الرّقاق، و (أحمد) في (المسند) من حديث على بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، وانظر أيضا (معالم السنن) للخطابي ج ٣ ص ١١٠.
[ (٤) ] أول سورة الممتحنة، وفي (خ) « ... تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ،» الآية.