للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التاسعة والخمسون: عصمته صلى اللَّه عليه وسلّم من الناس

عدها القضاعي من الخصائص وقد تقدم الكلام عليها [ (١) ] .


[ () ] درست بن زياد ضعيف من الثامنة، وقوله: «فقد عصى اللَّه ورسوله» احتج بهذا من قال بوجوب الإجابة إلى الدعوة، لأن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب.
وقال في (المرقاة) : والحاصل أنه صلى اللَّه عليه وسلّم علم أمته مكارم الأخلاق البهية، ونهاهم عن الشمائل الدنية، فإن عدم إجابة الدعوة من غير حصول المعذرة يدل على تكبر النفس، والرعونة، وعدم الألفة والمحبة، والدخول من غير دعوة يشير إلى حرص النفس ودناءة الهمة، وحصول المهانة والمذلة، فالخلق الحسن هو الاعتدال بين الخلقين المذمومين.
قال المنذري: في إسناده أبان بن طارق البصري، سئل عنه أبو زرعة الرازيّ، فقال:
شيخ مجهول، وقال أبو أحمد بن عدي: وأبان بن طارق لا يعرف إلا بهذا الحديث، وهذا الحديث معروف به، وليس له أنكر من هذا الحديث، وفي إسناده أيضا درست بن زياد ولا يحتج بحديثه، ويقال: هو درست بن حمزة، وقيل: بل هما أثنان ضعيفان. (عون المعبود) :
٥/ ١٤٧- ١٤٨.
[ (١) ] قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، والعصمة هنا الحفظ والوقاية من كيد أعدائه، والناس» في الآية مراد به الكفار من اليهود والمنافقين والمشركين، لأن العصمة بمعنى الوقاية تؤذن بخوف عليه، وإنما يخاف عليه أعداءه لا أحباءه، وليس في المؤمنين عدو لرسوله، فالمراد العصمة من اغتيال المشركين، لأن ذلك هو الّذي كان يهم النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، إذا لو حصل ذلك لتعطل الهدى الّذي كان يحبه النبي للناس، إذ كان حريصا على هدايتهم، ولذلك
كان رسول اللَّه، لما عرض نفسه على القبائل في أول بعثته، يقول لهم «أن تمنعوني حتى أبين عن اللَّه ما بعثني به- أو- حتى أبلغ رسالات ربى» .
فأما ما دون ذلك من أذى وإضرار فذلك مما نال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ليكون ممن أذى في اللَّه: فقد رماه المشركون بالحجارة حتى أدموه وقد شج وجهه، وهذه العصمة التي وعد بها رسول اللَّه قد تكرر وعده بها في القرآن كقوله فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وفي غير القرآن. فقد جاء في بعض الآثار أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أخبر وهو بمكة أن اللَّه عصمه من المشركين.