للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السادسة والسبعون: البلد الّذي ولد فيه صلى اللَّه عليه وسلّم أشرف بقاع الأرض ثم مهاجره وقيل: إن مهاجره أفضل البقاع

كما هو مأثور عن الإمام مالك وجمهور أصحابه ونقله القاضي، عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ونقل الاتفاق على أن قبره صلى اللَّه عليه وسلّم الّذي ضم جسده المقدس بعد موته أشرف بقاع الأرض وقد سبقه إلى حكاية هذا الإجماع القاضي أبو الوليد الباجي وابن بطال.

وأصل ذلك ما روى أنه صلى اللَّه عليه وسلّم لما مات اختلفوا في موضع دفنه فقيل:

بالبقيع وقيل: بمكة وقيل: ببيت المقدس فقال: أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه: إن اللَّه لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه ذكره. عبد الصمد بن عساكر في كتابه (تحفة الزائر) بغير إسناد.

وقال غيره: لما كان صلى اللَّه عليه وسلّم أفضل الرسل، وكتابه أفضل الكتب، ودينه أشرف الأديان، وشريعته أشرف الشرائع، وهو أفضل الخلق، فوضع قبره له في أشرف المواضع.

ويشهد له ما

رواه الحاكم عن أبى سعيد الخدريّ قال: مر النبي صلى اللَّه عليه وسلّم بجنازة عند قبر فقال: قبر من هذا فقالوا: فلان الحبشىّ فقال: لا إله إلا اللَّه! سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها.

ومسألة المفاضلة بين مكة والمدينة كثر المقال وطال النزاع فيها، فاستدل من قال بتفضيل مكة على المدينة بأن اللَّه تعالى حبس الفيل عن مكة وأهلها وأهلك جيش راكبه لما قصد غزو مكة كما تقدم ذكره وقال تعالى وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قيل: آمنا من النار وقيل: كان يأمن من الطلب من أحدث حدثا ولجأ إليه في الجاهلية، وهذا مثل قوله وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً على قول بعضهم، وقال: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً