للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزل المسلمين بقديد]

فلما نزل عليه السلام قديدا لقيته سليم- وهم تسعمائة على الخيول جميعا، مع كل رجل رمحه وسلاحه، ويقال: إنهم ألف- فجعلهم مقدمته مع خالد بن الوليد رضي اللَّه عنه واجتمع المسلمون بمرّ الظهران، ولم يبلغ قريشا حرف واحد من مسيرهم، فأمر صلّى اللَّه عليه وسلّم المسلمين أن يوقدوا النيران، فأوقدوا عشرة آلاف نار، وأمر بالأجراس أن تقطع من أعناق الإبل ليالي فتح مكة، وفي غزوة بدر.

[بعثة قريش أبا سفيان يتجسس]

وبعثت قريش أبا سفيان يتجسس الأخبار، وإن لقي محمدا يأخذ لهم منه جوارا، فإن رأى رقّة من أصحابه آذنه بالحرب، فخرج ومعه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، فرأوا الأبنية والعسكر والنيران بمرّ الظهران، وسمعوا صهيل الخيل ورغاء الإبل، فأفزعهم ذلك فزعا شديدا وقالوا: هؤلاء بنو كعب جاشتها الحرب [ (١) ] ! فقال بديل: هؤلاء أكثر من بني كعب! قالوا: فتنجّعت [ (٢) ] هوازن على أرضنا! واللَّه ما نعرف هذا، إن هذا العسكر مثل حاجّ الناس! وكان على الحرس تلك الليلة عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه.

خبر العباس وقدومه بأبي سفيان وصاحبيه على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

وقد ركب العباس رضي اللَّه عنه دلدل [ (٣) ] ، على أن يصيب رسولا إلى قريش يخبرهم: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم داخل عليهم في عشرة آلاف. فسمع صوت أبي سفيان، فقال: أبا حنظلة! فقال: يا لبيك! أبا الفضل؟ قال: نعم! قال: فما وراءك؟ قال: هذا رسول اللَّه في عشرة آلاف من المسلمين، فأسلم، ثكلتك أمك وعشيرتك، وأقبل على حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فقال: أسلما، فإنّي لكما جار حتى تنتهوا إلى رسول اللَّه، فإنّي أخشى أن تقطعوا دون النبي! قالوا: فنحن معك.


[ (١) ] جاشتها الحرب: هاجتها كما تجيش النار القدر فيغلي بها.
[ (٢) ] من الانتجاع، وهو طلب الكلإ أيام الربيع.
[ (٣) ] اسم بغلة كانت لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.