للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقالة أبي سفيان وحكيم بن حزام]

ثم قال أبو سفيان وحكيم: يا محمد! جئت بأوباش الناس- من نعرف ومن لا نعرف [ (١) ]- إلى عشيرتك وأصلك! فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنتم أظلم وأفجر، غدرتم عهد الحديبيّة، وظاهرتم على بني كعب بالإثم والعدوان في حرم اللَّه وأمنه. فقال أبو سفيان وحكيم بن [ (٢) ] حزام: يا رسول اللَّه! لو كنت جعلت حدّك [ (٣) ] ومكيدتك بهوازن، فهم أبعد رحما وأشدّ لك عداوة! فقال: إني لأرجو [ (٤) ] من ربّي أن يجمع ذلك لي كله: فتح مكة وإعزاز الإسلام بها، وهوازن، وأن يغنّمني اللَّه أموالهم وذراريهم، فإنّي راغب إلى اللَّه في ذلك.

وقيل: إن أبا سفيان ركب خلف العباس، ورجع حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء.

[خبر عمر بن الخطاب حين رأى أبا سفيان]

فلما مرّ العباس بعمر بن الخطاب، ورأى أبا سفيان قال: أبا سفيان! عدوّ اللَّه! الحمد للَّه الّذي أمكن منك بلا عهد ولا عقد. ثم خرج نحو رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يشتدّ، فركض العباس البغلة حتى اجتمعوا على باب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فدخلوا.

فقال عمر: يا رسول اللَّه! هذا أبو سفيان عدوّ اللَّه، قد أمكن اللَّه منه بلا عهد ولا عقد، فدعني أضرب عنقه. فقال العباس: إني قد أجرته! ثم التزم [ (٥) ] رسول اللَّه، فقال: واللَّه لا يناجيه الليلة أحد دوني. فلما أكثر عمر في أبي سفيان قال العباس: مهلا يا عمر! وتلاحيا [ (٦) ] .

فقال النبي عليه السلام للعباس: اذهب به فقد أجرته، فليبت عندك حتى تغدو علينا إذا أصبحت. فغدا به. فقال له رسول اللَّه: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك [ (٧) ] أن تعلم أن لا إله إلا اللَّه؟ قال: بأبي أنت! ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك! قد كان يقع في نفسي أن لو كان مع اللَّه إله [ (٨) ] لقد أغنى عنّي شيئا بعد. قال: يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني


[ (١) ] في (خ) «من تعرف ومن لا تعرف» .
[ (٢) ] في (خ) «فقال أبو سفيان يا رسول اللَّه وحكيم بن حزام» .
[ (٣) ] الحدّ: الشّدة، وهي في (خ) «جدك» .
[ (٤) ] في (خ) «لأرجو» .
[ (٥) ] التزمه: اعتنقه.
[ (٦) ] تلاحيا: تنازعا.
[ (٧) ] ألم يأن: ألم يحن.
[ (٨) ] في (خ) «إلاه» .