للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللَّه؟

[قال] [ (١) ] : بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك! أمّا هذه فو اللَّه إنّ في النفس منها لشيئا بعد، فقال العباس: ويحك! اشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه قبل واللَّه أن تقتل! فشهد شهادة الحق.

[من دخل دار أبي سفيان فهو آمن]

فقال العباس: يا رسول اللَّه! إنك قد عرفت أبا سفيان وحبّه الشّرف والفخر، اجعل له شيئا. قال: نعم! من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق [عليه] [ (١) ] داره فهو آمن. وأمر ألا يجهز على جريح، ولا يتّبع مدبر. ويروى أن أبا سفيان وحكيما قالا: يا رسول اللَّه! ادع الناس إلى الأمان! أرأيت إن اعتزلت قريش وكفت أيديها، آمنون هم؟ قال: نعم! من كفّ يده وأغلق [عليه] [ (١) ] بابه فهو آمن. قالوا: فابعثنا نؤذّن فيهم بذلك. قال: انطلقوا، فمن دخل دارك يا أبا سفيان فهو آمن، ودارك يا حكيم، و [ومن] [ (١) ] كفّ يده فهو آمن.

[رد أبي سفيان بعد فراقه]

فلما توجهوا قال للعباس: إني لا آمن أبا سفيان أن يرجع عن إسلامه ويكفر، فاردده حتى يفقه ويرى جنود اللَّه معك.

فأدركه عباس فحبسه، فقال: أغدرا يا بني هاشم؟ قال: ستعلم أنّا لسنا بغدر [ (٢) ] ، ولكن لي إليك حاجة، فأصبح حتى تنظر إلى جنود اللَّه، وإلى ما أعدّ للمشركين. فحبسه بالمضيق- دون الأراك إلى مكة- حتى أصبحوا.

وقيل: بل قال عليه السلام للعباس بعد ما خرج أبو سفيان: احبسه بمضيق الوادي حتى تمر به جنود اللَّه فيراها.

فعدل به العباس في مضيق الوادي، وأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مناديا فنادى: لتصبح كلّ قبيلة قد ارتحلت ووقفت مع صاحبها عند رايته، وتظهر كل ما معها من العدّة.


[ (١) ] زيادة في السياق.
[ (٢) ] غدر: جمع غدور، وهو الغادر.