للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموطن الخامس من مواطن الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: الخطب في الجمعة والعيدين والاستسقاء ونحو ذلك

وقد اختلف في اشتراطها لصحه الخطبة، فقال الشافعيّ وأحمد:

المشهور عن مذاهبهما، لا تصح الخطبة، إلا بالصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وقال مالك وأبو حنيفة: تصح بدونها، وهو وجه في مذهب أحمد، والحجة في وجوبها قول اللَّه تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ [ (١) ] .

قال ابن عباس: رفع اللَّه ذكره فلا يذكر إلا ذكر معه، واعترض عليه بأن المراد بذكره صلّى اللَّه عليه وسلّم مع ذكر ربه- تعالى- هو الشهادة له بالرسالة إذا شهد لمرسله بالوحدانية، وهذا هو الواجب قطعا، بل هو ركنها الأعظم.

وقد روى أبو داود [ (٢) ] وأحمد [ (٣) ] من حديث أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أنه قال: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء،

واليد الجذماء المقطوعة، فمن أوجب الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الخطبة دون التشهد، فقوله في غاية الضعف.


[ (١) ] الشرح: ١- ٤.
[ (٢) ] (سنن أبي داود) : ٥/ ١٧٣. كتاب الأدب، باب (٢٢) في الخطبة، حديث رقم (٤٨٤١) ، قوله
«ليس فيها تشهد»
أي شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه.
وقوله: «فهي كاليد الجذماء»
أي كاليد التي أصابها الجذام، وهو مرض معروف، يحمر اللحم المصاب به ويتساقط، يعني قليل البركة.
والحديث أخرجه الترمذيّ في النكاح، حديث رقم (١١٠٦) باب في خطبة النكاح، وقال:
هذا حديث حسن صحيح غريب، ونقل المنذريّ عنه «حسن غريب» فقط.
[ (٣) ] (مسند أحمد) : ٣/ ١٥، حديث رقم (٨٣١٣) من مسند أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.