للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تمكين اللَّه تعالى قريشا من العزّ والشرف والملك بدعاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم

فخرج أبو نعيم من حديث أبي يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، عن الأعمش، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: كما أذقت أول قريش نكالا، فارزق آخرهم نوالا. قال أبو نعيم: رواه أبو كرب والمتقدمون، عن أبي يحى الحماني.

وله من طريق أبي دواد، قال حديثنا جعفر بن سليمان، عن النضر بن معبد، عن الجارود، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أذقت أول قريش عذابا ووبالا، فأذق آخرها نوالا.

وخرجه الترمذي من حديث أبي يحيى بسنده ومتنه كما تقدم، وقال: هذا حديث حسن وغريب [ (١) ] .

قال المؤلف رحمه اللَّه: قد استجاب اللَّه تعالى دعوة نبيه محمد صلّى اللَّه عليه وسلم لقريش وملّكله مشارق الأرض ومغاربها، فلم يقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان حتى بلغت الدعوة الإسلامية كل ما تطؤه الأقدام، وتمر فيه السفن، ومكن اللَّه لقريش في الأرض حتى لقد نقل أن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نظر مرة إلى السحاب، فقال: أمطرى حيث شئت، إن أمطرت في البر حمل إلى البدر، وإن أمطرت في البحر حمل إلى الدار.

وامتد ملك بنى أمية من عانة [ (٢) ] إلى فرغانة [ (٣) ] وأنت أن كنت ممن تبحر في الأخبار، فاعلم كيف كان أجيال الخليقة تبين لك أن الّذي تهيأ لقريش من


[ (١) ] وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : ١/ ٤٠٤، حديث رقم (٢١٧١) ، من مسند عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما.
[ (٢) ] عانة: بلد مشهور بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وجاء في الشعر، عانات كأنه جمع بما حوله، ونسبت إليه العرب الخمر، وهي مشرفة على الفرات قرب حديثة النورة، وبها قلعة حصينة. وعانة أيضا بلد بالأردن. (معجم البلدان) : ٤/ ٨١، موضع رقم (٨١٢٨) .