للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسألة الرابعة: التهجد كان واجبا عليه]

فقال القفال: هو ما يصلى بالليل وإن قل، قال اللَّه- تعالى-: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ [ (١) ] أو زيادة على ثواب الفرائض بخلاف تهجد غيره، فإنه جائز للنقصان المتطرق إلى الفرائض، وهو صلّى اللَّه عليه وسلّم معصوم من تطرق الخلل إلى مفروضاته، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. حكاه إمام الحرمين.

وذكر البغويّ في (تفسيره) نحوه، وقال الحسن وغيره: ليس لأحد نافلة.

إلا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لأن فرائضه كاملة، وأما غيره فلا يخلو عن نقص، فنوافله تكمل فرائضه، وأسنده البيهقيّ في (دلائل النبوة) عن مجاهد وكذا ابن المنذر في (تفسيره) ، وحكى ابن المنذر أيضا عن الضحاك نحوه، وذكره سليمان بن حبان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، وذكر محمد بن نصر المروزي، عن أبي إسحاق أنه- تعالى- قال: نافِلَةً لَكَ قال: ليس هي نافلة لأحد إلا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.

وعن مجاهد قال: النافلة للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم خاصة من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة فهو له نافلة، من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، فهي نوافل له وزيادة، فالناس يعملون ما سوى المكتوبات لذنوبهم في كفارتها، فليس للناس نوافل وإنما هي للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم خاصة.

وعن الحسن: لا تكون نافلة الليل إلا للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم.

وعن قتادة: نافِلَةً لَكَ قال: تطوعا وفضيلة لك.

وخرّج من طريق وكيع: يعنى وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ قال محمد بن نصر: قد سمى ابن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- التطوع نوافل من الناس كلهم، لم يخص بذلك النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم دون غيره، وهذا المعروف في اللغة، أن كل تطوع نافلة من الناس كلهم.

واستدل الرافعي وغيره بحديث عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم


[ (١) ] الإسراء: ٧٩.