للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة التاسعة: كان يجب عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا رأى منكرا أن ينكره ويغيّره إنما يلزمه ذلك عند الإمكان

ووجهه أن اللَّه- تعالى- وعده بالعصمة والحفظ، فقال- سبحانه-:

وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [ (١) ] الآية. وقد ثبت في (الصحيحين) [ (٢) ] وغيرهما من حديث عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أنها قالت:

ما خيّر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في أمرين إلا أحب أيسرهما ما لم يكن إثما، فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة اللَّه، فينتقم للَّه بها.

ووجوب تغيير المنكر سببه أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا مرّ عليه يظن جوازه، وقد قرر الآمديّ ذلك، فقال: وفرق ما إذا كان الفعل الصادر من كافر أو مسلم، فإن كان من كافر لم يدل على الجواز لما تقرر من كفره، وإن كان من مسلم فإن كان سبق منه تحريم ذلك الفعل، فسكوته يدل على النسخ، وإن لم يسبق، فيدلّ على الجواز، وأورد النووي في (الروضة) [ (٣) ] سؤالا، فقال: قد يقال: هذا ليس من الخصائص، بل كل مكلف يتمكن من إزالة المنكر يلزمه تغييره، ثم أجاب


[ (١) ] المائدة: ٦٧.
[ (٢) ] رواه البخاريّ في الأنبياء، باب صفة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وفي الأدب، باب
قول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: «يسروا ولا تعسروا»
وفي الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات اللَّه، وفي المحاربين، باب كم التعزيز والأدب، ومسلم رقم (٢٣٢٧) في الفضائل، باب مباعدته صلّى اللَّه عليه وسلّم للآثام، والموطّأ ٢/ ٩٠٣ في حسن الخلق، باب ما جاء في حسن الخلق، وأبو داود رقم (٤٧٨٥) في الأدب، باب التجاوز في الأمر. (جامع الأصول) : ١١/ ٢٤٨- ٢٤٩.
[ (٣) ] (روضة الطالبين) : ٥/ ٣٤٧، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في النكاح وغيره.