للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[غزوة تبوك]

ثم كانت غزوة تبوك- وتسمي غزوة العسرة [ (١) ]- في غرة رجب، وسببها أن أخبار الشأم كانت بالمدينة عند المسلمين، لكثرة من يقدم من الأنباط بالدّرمك [ (٢) ] والزيت، فذكروا أن الرّوم قد جمعت جموعا كثيرة [ (٣) ] بالشأم، وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأقبلت مع لخم وجذام [ (٤) ] وغسّان وعاملة، وزحفوا، وقدموا مقدّماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها، وتخلف هرقل بحمص.

ولم يكن ذلك، إنما ذلك شيء قيل لهم فقالوه.

[الخبر عن الغزو والبعثة إلى القبائل]

وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لا يغزو غزوة إلا ورّى بغيرها- لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا- حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حرّ شديد. واستقبل سفرا بعيدا، وعددا كثيرا، فجلى [ (٥) ] للناس أمرهم ليتأهّبوا لذلك أهبته، وأخبرهم بالوجه الّذي يريد. وبعث إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم إلى عدوهم. فبعث بريدة ابن الحصيب وأمره أن يبلغ الفرع، وبعث أبا رهم الغفاريّ إلى قومه، وأبا واقد اللّيثيّ إلى قومه، وأبا جعدة الضّمريّ إلى قومه بالساحل، ورافع بن مكيث ابن جندب بن جنادة إلى جهينة، ونعيم بن مسعود إلى أشجع، وبديل بن ورقاء وعمرو بن سالم وبسر بن سفيان إلى بني كعب بن عمرو، والعباس بن مرداس إلى بني سليم. وحضّ على الجهاد ورغّب فيه.

[صدقات المسلمين للغزو]

وأمر بالصدقة فحملت صدقات كثيرة.

وأول من حمل صدقته أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه، جاء بماله كله أربعة آلاف درهم، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم. هل أبقيت شيئا؟ قال: اللَّه ورسوله! وجاء عمر رضي اللَّه عنه بنصف ماله، فقال


[ (١) ] في (خ) «العشرة» .
[ (٢) ] الدرمك: الدقيق الأبيض الجيد الخالص.
[ (٣) ] في (خ) «كبيرة» .
[ (٤) ] في (خ) «خدام» .
[ (٥) ] في (خ) «وحكى» ، وجلّي الأمر: أظهره وأبانه.