للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلناه على الفور فيمتد بامتداد المجلس، أو يعتبر فيه الفورية المعتبرة في الإيجاب والقبول؟ فيه وجهان، حكاهما الرافعي عن الهرويّ.

ثالثها: هل كان يحرم عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم طلاق من اختارته؟

فيه وجهان لأصحابنا، أحدهما: وبه قطع الماوردي ونص عليه الشافعيّ في (الأم) نعم، كما يحرم إمساكها لو رغبت عنه، ومكافأة لهن على صبرهن، وبه يشعر قوله- تعالى-: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ [ (١) ] فإن التبدل فراقهن، وتزوج غيرهن، ففي تحريمه تحريم مفارقتهن، وأظهرها ما عند الإمام والرافعي في (الشرح الصغير) ، والنووي في (أصل الروضة) [ (٢) ] ، لا كما لو أراد واحد من الأمة طلاق زوجته لا يمنع منه، وإن رغبت فيه، ولأن التبدل معناه مفارقتهن أولا، والتزويج بأمثالهن بدلا عنهن، وذلك مجموع أمرين، فلا يقتضي المنع من أولهما.

قال الإمام: وادعاء الحجر على الشارع في الطلاق بعيد، وفيه وجه ثالث، أنه يحرم عقب اختيارهن، ولا يحرم إذا انفصل عنه.

فإن قلت: يستدل للوجه الأظهر بأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم طلق حفصة وراجعها، وعزم على طلاق سودة، فوهبت يومها لعائشة، قلنا: ذكر الماورديّ أن ذلك كان قبل التخيير، وكذا قصة الإفك،

وقول عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- لما استشاره النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في فراق أهله: لم يضيق اللَّه عليك، النساء كثير سواها،

لعله كان قبل نزول آية التخيير.

وقد قال ابن الجوزي: كان إيلاؤه صلّى اللَّه عليه وسلّم منهن سنة تسع، والتخيير بعدها، لكن اصطفى صلّى اللَّه عليه وسلّم صفية بنت حيي من سبي خيبر سنة سبع وتزوجها.


[ (١) ] الأحزاب: ٥٢.
[ (٢) ] راجع التعليق السابق.