للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأمل هذا الحديث تجده دليلا على أن هجره عليه السلام نساءه وإيلاءه منهن كان بعد الفتح، وبيان ذلك أن ابن عباس لم يقدم المدينة إلا مع أبيه بعد الفتح، وقد صرح في هذا الحديث بحضوره القصة.

رابعها: لما خير صلّى اللَّه عليه وسلّم زوجاته فاخترنه كافأهن اللَّه تعالى على حسن صنيعهن بالجنة

فقال: فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [ (١) ] أي في الجنة، وبأن حرم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم التزويج عليهنّ، والاستبدال بهن، فقال- تعالى-: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ لكن نسخ ذلك لتكون المنّة لرسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم بترك التزويج عليهنّ بقوله- تعالى-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [ (٢) ] .

الآية.

وذهب محمد بن جرير الطبريّ إلى أنه كان لرسول اللَّه أن يتزوج من شاء من النساء اللاتي أحلهن اللَّه له على نسائه اللاتي كنّ عنده، ثم نزلت عليه لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ [ (٣) ] فلم ينهه فيها، إلا أن يفارق من كان عنده منهن بطلاق، إرادة استبدال غيرها لها، ولإعجاب بحسن المستبدلة بها إياه، إذ كان اللَّه- تعالى- قد جعلهن أمهات المؤمنين، وخيرهن فاخترن اللَّه ورسوله، فحرمن على غيره، ومنع من فراقهن بطلاق.


[ (١) ] الأحزاب: ٢٩.
[ (٢) ] الأحزاب: ٥٠.
[ (٣) ] الأحزاب: ٥٢.