للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركابهم حتى خرجوا منه. وأوضع صلى اللَّه عليه وسلّم راحلته.

قلة الماء ودعاء رسول اللَّه بالمطر

وارتحل من وادي القرى فأصبح ولا ماء معهم، فشكوا ذلك إليه، فاستقبل القبلة ودعا- ولا يرى في السماء سحاب- فما برح يدعو حتى تألف السحاب من كل ناحية، فما رام مقامه حتى سحب عليهم السماء بالرواء. ثم كشف اللَّه السماء من ساعتها والأرض غدر [ (١) ] ، فسقى الناس وارتووا من آخرهم، فكبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وقال: أشهد أنّي رسول اللَّه! فقال عبد اللَّه بن أبي حدرد لأوس ابن قيظي-، [ويقال لزيد بن اللصيت القينقاعيّ]- وكان من المنافقين:

ويحك!! بعد هذا شيء؟ فقال: سحابة مارة.

خبر ناقة رسول اللَّه التي ضلّت ومقالة المنافق

وارتحل عليه السلام فأصبح في منزل، فضلّت ناقته القصواء، فخرج المسلمون في طلبها، وكان زيد بن اللصيت أحد بني قينقاع، وكان يهوديا فأسلم فنافق، وكان فيه خبث اليهود وغشهم، وكان مظاهرا لأهل النفاق، وقد نزل في رحل عمارة بن حزم، وعمارة عند رسول اللَّه- فقال زيد: أليس محمد يزعم أنه نبيّ وهو يخبركم بأمر السماء، ولا يدري أين ناقته؟ وأنّي واللَّه لا أعلم إلا ما علمني اللَّه، وقد دلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا- لشعب به [ (٢) ]- حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوا بها [ (٣) ] .

فذهبوا، فجاءوا وقد وجدها الحارث بن خزمة [ (٤) ] الأشهلي، كما قال عليه السلام. فرجع عمارة بن حزم إلى رحلة فقال: العجب من شيء حدّثناه رسول اللَّه آنفا عن مقالة قائل أخبره اللَّه عنه كذا وكذا!! - للذي قال زيد- فقال أخوه عمرو بن حزم ولم يحضر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إن زيدا هو قائل هذه المقالة قبل أن تطلع علينا! فأقبل عمارة بن حزم على زيد بن اللّصيت يجأه [ (٥) ] في عنقه ويقول: إن في رحلي لداهية [ (٦) ] وما أدري!! أخرج يا عدو اللَّه من رحلي! فقال زيد: لكأنّي لم أسلم إلا اليوم! قد كنت شاكّا


[ (١) ] في (خ) «غدرا» ، وغدر: جمع غدير وهو مستنقع الماء يغادره السيل.
[ (٢) ] في (خ) «لشغب إليه» .
[ (٣) ] في (خ) «حتى بانوا» .
[ (٤) ] في (خ) «حزمة» .
[ (٥) ] وجأ: لكز ووكز.
[ (٦) ] في (خ) «أراهية» .