للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامنة: كان له صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يحكم لنفسه ولولده على الأصح لأنه معصوم وفي من عداه صلّى اللَّه عليه وسلّم وجه في حكمه لولده

حكاه الماوردي وحكى معه وجها آخر أنه يجوز، وجعل القضاعي هذا الخصوصية والآتية بعدها مما خصّ صلّى اللَّه عليه وسلّم بهما من بين سائر الأنبياء، ويستدل لذلك بقوله- تعالى-: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [ (١) ] فإنه يشمل قضاءه لنفسه، ولولده، ومن ذلك أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان لا يكره له الفتوى والحكم في حال الغضب، لأنه لا يخاف عليه من الغضب ما يخاف علينا، ذكره النووي في (شرح مسلم) في كتاب اللقطة [ (٢) ] .

التاسعة: كان صلّى اللَّه عليه وسلّم يقبل شهادة من يشهد له

خرَّج أبو داود [ (٣) ] من حديث أبي اليمان قال: حدثنا شعيب عن الزهري، عن عمارة بن خزيمة أنّ عمه حدثه- وهو من أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم- أن النبي


[ (١) ] النساء: ٦٥.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٢/ ٢٦٨، كتاب اللقطة، شرح الحديث رقم (١٧٢٣) ، حيث قال:
وفيه جواز الفتوى والحكم في حال الغضب، وأنه نافذ، لكن يكره ذلك في حقنا، ولا يكره في حق النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، لأنه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف علينا، واللَّه- تعالى- أعلم.
[ (٣) ] (سنن أبي داود) : ٤/ ٣١- ٣٢، كتاب الأقضية، باب (٢٠) إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد، يجوز له أن يحكم به، حديث رقم (٣٦٠٧) ، قال الشيخ: هذا حديث يضعه كثير من الناس غير موضعه، وقد تذرع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عنده بالصدق على كل شيء ادعاه، وإنما وجه الحديث ومعناه أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إنما حكم على الأعرابي بعلمه إذ كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم صادقا بارا في قوله، وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التوكيد