للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلّموا عليه! فقال الناس جميعا: وعليه السلام ورحمة اللَّه، فقال: أجيبوا عباد اللَّه من كانوا.

رقاده صلى اللَّه عليه وسلّم عن صلاة الفجر

ولما كان من تبوك على ليلة، رقد [ (١) ] صلى اللَّه عليه وسلّم فلم يستقيظ حتى كانت الشمس قيد رمح [ (٢) ] ، فقال: يا بلال، ألم أقل لك اكلأنا الليلة [ (٣) ] ؟ فقال: يا رسول اللَّه ذهب بي النوم، ذهب بي الّذي ذهب بك! فارتحل عليه السلام من ذلك المكان غير بعيد ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم صلى الفجر، ثم سار يومه وليلته فأصبح بتبوك فجمع الناس

ثم قال:

خطبته صلى اللَّه عليه وسلّم بتبوك

أيها الناس، أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب اللَّه، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنن محمد، وأشرف الحديث ذكر اللَّه، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عواقبها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء، وأشرف القتل قتل الشهداء، وأعمى الضلالة الضلالة بعد الهدي، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدي ما أتّبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السّفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى. وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة. ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، ومنهم من لا يذكر اللَّه إلا هجرا. ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب.

وخير الغني غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة اللَّه، وخير ما ألقى في القلب اليقين، والارتياب من الكفر. والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جمر جهنم، والسّكر كنّ من النار. والشّعر من إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبالة إبليس، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المال أكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقىّ من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضوع أربع أذرع والأمر إلى آخره، وملاك العمل خواتمه، وشر الرّؤيا رؤيا الكذب، وكلّ ما هو آت قريب. وسباب المؤمن فسوق،


[ (١) ] كذا في (ط) وفي (خ) ، (والواقدي) ج ٣ ص ١٠١٥ «استوقد» .
[ (٢) ] أي قدر رمح في ارتفاعها.
[ (٣) ] اكلأنا: احفظنا.