للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللَّه! فقال: أفلح وجهك، ثم قال: يا بلال، أطعمنا! فبسط نطعا [ (١) ] ، ثم أخرج من حميت [ (٢) ] له خرجات من تمر معجون بسمن وإقط، ثم قال عليه السلام: كلوا: فأكلوا حتى شبعوا، فقال الرجل: يا رسول اللَّه: إن كنت لآكل هذا وحدي! فقال: الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد.

ثم جاء من الغد متحيّنا الغداء ليزداد في الإسلام يقينا، فإذا عشرة حوله عليه السلام فقال: هات أطعمنا يا بلال! فجعل يخرج من جراب تمرا بكفّه قبضة قبضة، فقال:

أخرج ولا تخف من ذي العرش إقتارا! فجاء بالجراب فنثره فحرزه الرجل مدّين، فوضع صلّى اللَّه عليه وسلّم يده على التمر. ثم قال: كلوا باسم اللَّه! فأكل القوم وأكل الرجل- وكان صاحب تمر- حتى ما يجد [له] [ (٣) ] مسلكا، وبقي على النّطع مثل الّذي جاء به بلال، كأنهم لم يأكلوا منه تمرة واحدة. ثم عاد الرجل من الغد، وعاد نفر. فكانوا عشرة أو يزيدون رجلا أو رجلين، فقال عليه السلام: يا بلال أطعمنا! فجاء بذلك الجراب بعينه فنثره، ووضع صلّى اللَّه عليه وسلّم يده عليه وقال: كلوا باسم اللَّه! فأكلوا حتى نهلوا [ (٤) ] ، ثم رفع مثل الّذي صبّ. ففعل ذلك ثلاثة أيام.

[بعثة هرقل رجلا من غسان]

وكان هرقل ملك الروم بعث رجلا من غسان إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ينظر إلى صفته، وإلى علامته، فوعى أشياء من حاله، وعاد إليه فذكر ذلك. فدعا هرقل الروم إلى التصديق به، فأبوا حتى خافهم على ملكه، وهو في موضعه لم يتحرك ولم يوجف [ (٥) ] . وكان الّذي خبّر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم- عن تعبئته أصحابه، ودنوّه إلى أدنى الشام- باطلا [ (٦) ] ، لم يرد ذلك هرقل ولا همّ به.


[ (١) ] النطع: مفرش من الجلد.
[ (٢) ] الحميت: زق من الجلد لا شعر عليه يكون فيه السمن ونحوه.
[ (٣) ] زيادة للسياق من (الواقدي) ج ٣ ص ١٠١٨.
[ (٤) ] كذا في (خ) ، و (الواقدي) ، وفي (ط) «حتى شبعوا» ، يقول محقق (ط) [ونهل لا يكون إلا للشراب يشربه الرجل حتى يروي، فهو كالشبع من الطعام] ونقول: النّهل من الطعام ما أكل، راجع (ترتيب القاموس) ج ٤ ص ٤٥٣.
[ (٥) ] في (خ) «يرجف» ، أوجف خيله: أسرع به السير.
[ (٦) ] في (خ) «باطل» .