للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما غشي النعاس المؤمنين يوم أحد]

فقال اللَّه تعالى:

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ [ (١) ] الأمن وهو نقيض الخوف، يقال أمن أمنا وأمنه، وقيل الأمنة الأمن وهو نقيض الخوف إنما تكون من استباق الخوف، والأمن يكون مع عدم الخوف، وكان في ذلك علم من أعلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فإن المسلمين كانوا في غم شديد، وقد انهزموا من عدوهم، وخرج الشيطان فيهم قبل محمد، واستشهد منهم سبعون، فما نزل اللَّه- سبحانه وتعالى- عليهم مع هذه الشدائد العظيمة النعاس حتى نام أكثرهم، وإنما ينعس من يأمن، والخائف لا ينام.

خرّج البخاريّ [ (٢) ] من حديث حسين بن محمد عن شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس بن أبا طلحة قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد قال:

فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه.

وخرّج الترمذيّ [ (٣) ] من حديث سعيد عن قتادة، عن أنس أن أبا طلحة قال:

غشينا ونحن في مصافنا يوم أحد، حدث أنه كان فيمن غشيه النعاس يومئذ قال:

فجعل سيفي يسقط من يدي، وآخذ، ويسقط من يدي وآخذه، والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرغبه، وأخذ له للحق.

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

وخرّج أبو نعيم [ (٤) ] والبيهقيّ [ (٥) ] من طريق حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحد فجعلت انظر وما منهم أحد


[ (١) ] آل عمران: ١٥٤.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ٨/ ٢٨٨، كتاب التفسير، باب (١١) أَمَنَةً نُعاساً، حديث رقم (٤٥٦٢) .
[ (٣) ] (الترمذيّ) : ٥/ ٢١٤، كتاب تفسير القرآن، باب (٤) ومن سورة آل عمران، حديث رقم (٣٠٠٨) .
[ (٤) ] (دلائل أبي نعيم) : ٢/ ٤٨٧، حديث رقم (٤٢١) .
[ (٥) ] (دلائل البيهقيّ) : ٣/ ٢٦٧، باب قول اللَّه- عز وجل-: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ الآية. وقول اللَّه- عز وجل- إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ [آل عمران: ١٥٣- ١٥٢، ١٥٣، ١٥٤] .