للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما أراد البارحة المنافقون وما همّوا به؟ قالوا: نتبعه في العقبة، فإذا أظلم الليل عليه قطعوا أنساع [ (١) ] راحلتي ونخسوها حتى يطرحوني عن راحلتي؟

[مشورة أسيد بن الحضير في قتل المنافقين]

فقال أسيد: يا رسول اللَّه، فقد اجتمع الناس ونزلوا، فمر كلّ بطن أن يقتل الرجل الّذي همّ بهذا، فيكون الرجل الّذي يقتله من عشيرته، وإن أحببت فنبّئني بهم، فو الّذي بعثك بالحق لا تبرح [ (٢) ] حتى آتيك برءوسهم، وإن كانوا في النّبيت [ (٣) ] كفيتهم، وأمرت سيد الخزرج فكفاك من ناحيته، فإن مثل هؤلاء لا يتركون يا رسول اللَّه! حتى متى نداهنم، وقد صاروا اليوم في القلة والذلة وضرب الإسلام بجرانه؟! فما تستبقي من هؤلاء؟

قال: يا أسيد إني أكره أن يقول الناس إن محمدا- لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين- وضع يده في قتل أصحابه! فقال: يا رسول اللَّه، وهؤلاء ليسوا بأصحاب! قال: أو ليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا اللَّه؟ قال: بلى، ولا شهادة لهم! قال: أوليس يظهرون أني رسول اللَّه؟

قال بلى، ولا شهادة لهم! قال: فقد نهيت عن قتل أولئك.

[عدة أهل العقبة أصحاب الكيد]

وكان أهل العقبة الذين أرادوا ما أرادوا- ثلاثا عشر رجلا، قد سمّاهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لحذيفة وعمّار. وقيل:. ربعة عشر، وقيل: خمسة عشر، وقيل:

اثني عشر وهو الثّبت.

وقال ابن قتيبة [ (٤) ] إن الذين همّوا بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم عبد اللَّه بن أبي [ابن سلول] ، وسعد بن أبي سرح: [وهو أبو الّذي كان يكتب لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وكان «غفور


[ (١) ] الأنساع: قال في (النهاية) جمع نسعة، وهي سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره.
[ (٢) ] في (خ) «وإن أجبت والّذي بعثك بالحق فنبئني بهم فلا تبرح» وهي رواية (الواقدي) وما أثبتناه من (ط) .
[ (٣) ] النبيت: لقب عمرو بن مالك جد الأوس.
[ (٤) ] راجع كتاب (المعارف) لابن قتيبة بتحقيق الدكتور ثروت عكاشة. طبعة دار المعارف بمصر ص ٣٤٣ باب [أسماء المنافقين الذين أرادوا أن يلقوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من الثّنية في غزوة تبوك] ، وما بين الأقواس زيادات منه.