للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إخباره صلّى اللَّه عليه وسلّم بأن مكة شرفها اللَّه تعالى لا تغزى بعد فتحه لها، ولا تكون دار كفر فكان كذلك

فخرّج الترمذيّ [ (١) ] من حديث يحيى بن سعيد، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن الحارث بن مالك بن البرصاء قال: سمعت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم فتح مكة يقول: لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وهو حديث زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي لا نعرفه إلا من حديثه.

وقال البيهقيّ: وإنما أرادوا- واللَّه أعلم- أنها لا تغزى بعده على كفر أهلها وكان كما قال صلّى اللَّه عليه وسلّم،

وقال الواقدي: وحدثني يزيد بن فارس، عن عراك بن مالك، عن الحارث بن برصاء قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: لا تغزى قريش بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة يعني على كفر [ (٢) ] .


[ (١) ]
(سنن الترمذيّ) : ٤/ ١٣٦، كتاب السير، باب (٤٥) ما جاء ما قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم فتح مكة:
إن هذه لا تغزى بعد اليوم، حديث رقم (١٦١١) ، قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عباس وسليمان بن صرد، ومطيع.
قال ابن الأثير: وإنما يحتمل أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أراد أنها لا يغزوها كافر، يريد البيت، فأما المسلمون فلا، على أن من غزاها من المسلمين في زمن يزيد وعبد الملك لم يقصدوا مكة ولا البيت، وإنما كان قصدهم عبد اللَّه بن الزبير، مع تعظيمهم أمر مكة والبيت، وإن كان جرى منهم ما جرى ففي حق البيت، من رميه بالنار في المنجنيق، وإحراقه، ولأجل ذلك هدمه ابن الزبير، وبناه بعد عود أهل الشام عن حصاره، لما وصلهم موت يزيد.
لو كانت الرواية في الحديث على أن «لا» ناهية لكان واضحا لا يحتاج إلى تأويل، كما قيل في قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لا يقتل قرشيّ بعد هذا اليوم صبرا» .
[ (٢) ] (جامع الأصول) : ٩/ ٢٩١- ٢٩٢.