للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعزّى ابنه وانصرف. وحثا المنافقون عليه تراب قبره وهم يقولون: يا ليت أنا فديناك بالأنفس وكنا قبلك، وحثوا على رءوسهم التّراب.

[ابنته وحزنها]

ولم تتخلف امرأة من الأوس والخزرج حتى أتت ابنته جميلة بنت عبد اللَّه ابن أبي، وهي تقول: وا جبلاه! وا ركناه! وا أبتاه! وما ينهاها أحد ولا يعيب عليها.

حج أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه

ثم كانت حجة أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه سنة تسع [ (١) ] . وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- قبل أن ينزل عليه سورة براءة- قد عاهد ناسا من المشركين عهدا، فلبث بعد مرجعه من تبوك أربعة أشهر وحضر الحجّ، فكره أن يخرج ذلك العام حتى ينبذ [ (٢) ] إلى كلّ من عهد إليه من المشركين عهده.

[حج المشركين]

وكانوا يحجون مع المسلمون، فإذا قال المسلمون «لبيك لا شريك لك» ، عارضهم المشركون بقولهم [لبيك] [ (٣) ] «لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك» ، عالية أصواتهم ليغلّطوهم بذلك، ويطوف رجال منهم عراة، ليس على أحد منهم ثوب، يعظمون بذلك الحرمة [ (٤) ] ، ويقول أحدهم: أطوف بالبيت كما ولدتني أمي ليس عليّ شيء من الدنيا خالطة الظلم.

[الخروج إلى الحج]

فكره رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يحج ذلك العام، فاستعمل أبا بكر على الحج، [وكتب له بنفس الحج، لأنه اشتكى أنه لا علم له بالقضاء] [ (٥) ] . فخرج في


[ (١) ] في (خ) «سنة سبع» وهو خطأ.
[ (٢) ] نبذ العهد: نقضه.
[ (٣) ] زيادة للسياق من (ط) .
[ (٤) ] حرمة البيت الحرام.
[ (٥) ] كذا في (خ) ، وليس لهذه العبارة أو لمعناها نظير في كتب السيرة.