للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في رأس الرّمح، ثم دفعها إليه وقال: هاك هذا اللواء! وعممه عمامة ثلاثة أكوار، وجعل ذراعها بين يديه وشبرا من ورائه، ثم قال: هكذا العمّة [ (١) ] !

وصية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم له

وقال له: امض ولا تلتفت! فقال على: يا رسول اللَّه، كيف أصنع؟ قال:

إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك. فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى يقتلوا منك قتيلا، فإن قتلوا منك قتيلا فلا تقاتلهم، تلوّمهم [ (٢) ] حتى تريهم أناة. ثم تقول لهم: هل لكم أن تقولوا لا إله إلا اللَّه؟ فإن قالوا: نعم، فقل هل لكم إلى أن تصلوا؟ فإن قالوا: نعم، فقل لهم: هل لكم إلى أن تخرجوا من أموالكم صدقة تردّونها على فقرائكم؟ فإن قالوا: نعم، فلا تبغ منهم غير ذلك، واللَّه لأن يهدي اللَّه على يديك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت.

[الغنائم]

فخرج في ثلاثمائة فارس حتى انتهى إلى أرض مذحج ففرّق [ (٣) ] أصحابه، فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك، فكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد، فجعل على الغنائم بريدة بن الحصيب ثم لقي جمعا فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا ورموا بالنّبل والحجارة ساعة، فصفّ أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السّلمي، وحمل عليه بمن معه، قتل منهم عشرين رجلا، فانهزموا فلم يتبعهم، ودعاهم إلى الإسلام فأجابوا. وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق اللَّه.

[قسمة الغنائم إلا الخمس]

وجمع على الغنائم وجزأها خمسة أجزاء. وأقرع عليها، وكتب في سهم منها، فخرج أوّل السهام سهم الخمس، ولم ينفل منه أحدا من الناس شيئا.

وكان من قبله من الأمراء يعطون أصحابهم- الحاضر دون غيرهم- من


[ (١) ] العمة: هيئة الاعتمام، والعمامة: ما يعتمم به.
[ (٢) ] تلومهم: انتظرهم.
[ (٣) ] في (خ) «فعرق» .