للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ظهور صدقة صلّى اللَّه عليه وسلّم في إخباره بغلبة الروم وفارس بعد ما غلبت منها

فقال اللَّه- تعالى-: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [ (١) ] .

اعلم أن عامة القرآن على ضم الغين من قوله: غُلِبَتِ الرُّومُ بمعنى أن فارس غلبت الروم، وروى عن ابن عمر وأبي سعيد الخدريّ وعليّ بن أبي طالب ومعاوية بن قرة أنهم قرءوا: غُلِبَتِ الرُّومُ بفتح الغين اللام.

يا قالوا: أبا عبد الرحمن على أي شيء غلبوا؟ قال: على ريف الشام، قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: والصواب الّذي لا يجوز غيره الم* غُلِبَتِ بضم الغين لإجماع الحجة من القراءة عليه، قال: وتأويل الكلام غلبت فارس والروم في أدنى الأرض، ومن أرض الشام إلى فارس، وهم من بعد غلبهم، يقول والروم من بعد غلبة فارس إياهم سَيَغْلِبُونَ فارس فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ غلبهم، ومن بعد غلبهم إياهم، يقضي في خلقه ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويظهر من يشاء منهم على من أحب إظهاره عليه وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يقول: ويوم يغلب الروم فارس يفرح المؤمنون باللَّه ورسوله بنصر اللَّه إياهم على المشركين، ونصرة الروم على فارس، يَنْصُرُ اللَّه- تعالى [ذكره [ (٢) ]]- مَنْ يَشاءُ من خلقه على، من يشاء، وهو نصره المؤمنين على المشركين ببدر وَهُوَ الْعَزِيزُ يقول: واللَّه الشديد في انتقامه من أعدائه لا يمنعه من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينه حائل الرحيم بمن تاب من خلقه، وراجع طاعته أن يعذبه. انتهى [ (٣) ] .

وفي قوله تعالي: أَدْنَى الْأَرْضِ، قراءات، إحداها: أداني بألف بعد دال مفتوحة، وبمعنى أقرب الأرض، وفيها قولان، أحدهما: في أداني أرض فارس، حكاه النقاش، والثاني، في أداني أرض الروم، قاله الجمهور،


[ (١) ] الروم: ١- ٥.
[ (٢) ] زيادة للسياق من (تفسير الطبراني) .
[ (٣) ] (المرجع السابق) .