للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر: أين بعيرك؟ قال: أضلني! فقام إليه فضربه ويقول: بعير واحد يضل عنك؟! فجعل صلّى اللَّه عليه وسلّم يتبسّم ويقول: ألا ترون هذا المحرم وما يصنع؟! ولم ينهه.

طعام آل نضلة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

وخبّر آل نضلة الأسلميون أن زاملة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ضلت، فحملوا حفنة من حيس [ (١) ] ، فأقبلوا بها حتى وضعوها بين يديه،

فقال: هلمّ يا أبا بكر! فقد جاءك اللَّه بغداء طيب! وجعل أبو بكر رضي اللَّه عنه يغتاظ على الغلام، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: هوّن عليك! فإن الأمر ليس إليك ولا إلينا معك! فقد كان الغلام حريصا على ألا يضلّ بعيره. وهذا خلف مما كان معه.

فأكل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأهله وأبو بكر، وكلّ من كان يأكل مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، حتى شبعوا.

[مجيء البعير، وبعير سعد بن عبادة]

ويجيء [ (٢) ] سعد بن عبادة رضي اللَّه عنه وابنه قيس بن سعد بزاملة حتى يجدان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم واقفا قد أتى اللَّه بزاملته،

فقال سعد: يا رسول اللَّه! بلغنا أن زاملتك أضلت الغلام، وهذه زاملة مكانها. فقال: قد جاء اللَّه بزاملتنا، فارجعا بزاملتكما بارك اللَّه عليكما! أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتك منذ نزلنا المدينة؟ فقال سعد: يا رسول اللَّه! المنّة للَّه ولرسوله، واللَّه يا رسول اللَّه، للذي تأخذ من أموالنا أحب إلينا من الّذي تدع! قال صدقتم يا أبا ثابت! أبشر فقد أفلحت إن الأخلاف [ (٣) ] بيد اللَّه، فمن شاء أن يمنحه خلفا صالحا منحه، ولقد منحك اللَّه خلفا صالحا، فقال سعد: الحمد للَّه، هو فعل ذلك.

[سيادة بيت سعد بن عبادة]

قال ثابت بن قيس بن شمّاس: يا رسول اللَّه: إن أهل بيت سعد في الجاهلية سادتنا، والمطعمون في المحل منّا [ (٤) ] ، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: الناس معادن:


[ (١) ] الحيس: الخلط، وتمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه وربما جعل في سويق. (ترتيب القاموس) ج ١ ص ٧٤٩.
[ (٢) ] في (خ) «وجاء» ، والفعل المضارع أنسب لسياق العبارة.
[ (٣) ] الأخلاف: جمع خلف، وهو العوض.
[ (٤) ] المحل: الشدة.