للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راحة. وكان يوم الاثنين بمر الظهران، فلم يبرح حتى أمسى، وغربت الشمس بسرف، فلم يصلّ المغرب حتى دخل مكة.

وكان الناس لا يذكرون إلا الحجّ، فلما كانوا بسرف أمر عليه السلام النّاس أن يحلّوا بعمرة إلا من ساق الهدي.

دخول مكة وعمل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقوله

ولما انتهى إلى الثنيتين بات بينهما- بين كداء وكدي- ثم أصبح فاغتسل، ودخلها نهار الاثنين الرابع من ذي الحجّة.

وذكر الواقدي: أنه دخل مكة يوم الثلاثاء من كداء على راحلته القصواء إلى الأبطح، فدخل مكة من أعلاها حتى انتهى إلى باب بني شيبة، فلما رأى البيت رفع يديه، فوقع زمام راحلته فأخذه بشماله، ثم قال حين رأى البيت اللَّهمّ زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا، ولما دخل المسجد بدأ بالطواف قبل الصلاة. قال طاوس: وطاف راكبا على راحلته. فما انتهى إلى الركن استلمه وهو مضطبع بردائه، وقال: بسم اللَّه واللَّه أكبر. ثم رمل ثلاثة ثلاثة [ (١) ] من الحجر إلى الحجر. وكان يأمر من استلم الركن أن يقول: باسم اللَّه واللَّه أكبر، إيمانا باللَّه، وتصديقا بما جاء به محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وقال فيما بين الركن اليمانيّ والأسود: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ. ولم يستلم من الأركان إلا اليماني والأسود. ومشى أربعة [ (٢) ] ثم انتهى خلف المقام فصلّى ركعتين، يقرأ فيهما: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثم عاد إلى الركن فاستلمه.

[نهي عمر عن مزاحمة الطائف]

وقال لعمر رضي اللَّه عنه: إنك رجل قوي، إن وجدت الركن خاليا فاستلمه، وإلا فلا تزاحم عليه فتؤذي [الناس ممن يستلم الركن] [ (٣) ] . وقال لعبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه عنه: كيف صنعت بالركن يا أبا محمد [ (٤) ] ؟ فقالت: استلمت وتركت، فقال: أصبت.


[ (١) ] رمل: أسرع في مشيته.
[ (٢) ] رمل ثلاثة، ومشى أربعة، تلك أشواط الطواف السبعة.
[ (٣) ] زيادة للبيان.
[ (٤) ] في (خ) «يا محمد» .