للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسيره إلى منى]

وركب حين زاغت الشمس في يوم التروية بعد أن طاف بالبيت أسبوعا فصلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى، وكان بلال إلى جانب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مسيره إلى منى، وبيده عود عليه (ثوبا وشيء) [ (١) ] . يظله من الشمس.

وقالت له عائشة: يا رسول اللَّه، ألا نبني لك كنيفا [ (٢) ] ؟ فأبى، وقال: منى منزل من سبق!

وقيل: بني بمنى ليلة الجمعة التاسع من ذي الحجة.

[مسيره إلى عرفة]

ثم أصبح فسار إلى عرفة. ولم يركب من منى حتى رأى الشمس قد طلعت فركب إلى عرفة، ونزل بنمرة، وقد ضرب له بها قبة من شعر. ويقال: إنما قال [ (٣) ] إلى فيء صخرة، وميمونة رضي اللَّه عنها تتبع ظلها حتى راح عنها، وأزواجه في قباب- أو في قبّة- خزّ له فلما كان حين زاغت الشمس أمر براحلته القصواء فرحلت برحل رثّ وقطيفة لا تسوى أربعة دراهم،

فلما توجّه قال: اللَّهمّ حجّة لا رياء فيها ولا سمعة!

ثم أتى بطن الوادي- بطن عرفة [ (٤) ]-، وكانت قريش لا تشكّ أنه لا يتجاوز المزدلفة يقف بها،

فقال نوفل بن معاوية الديليّ- وهو يسير إلى جنبه-: يا رسول اللَّه! ظن قومك أنك تقف بجمع! فقال: لقد كنت أقف بعرفة قبل النبوة خلافا لهم،

وكانت قريش كلها تقف بجمع [ (٥) ] ، إلا أن شيبة بن ربيعة من بينهم فإنه كان يقف بعرفة.

صلاته بعرفة وخطبته صلّى اللَّه عليه وسلّم

وخطب صلّى اللَّه عليه وسلّم- حين زاغت الشمس- ببطن عرفة على ناقته، فلما كان آخر خطبته أذّن بلال، وسكت صلّى اللَّه عليه وسلّم من كلامه.

فلما فرغ بلال من أذانه تكلم بكلمات، وأناخ راحلته، وأقام بلال، فصلّى-


[ (١) ] في (خ) «عليه شيء يظله» وما أثبتناه من (ابن سعد) ج ٣ ص ١٧٧.
[ (٢) ] الكنيف: كل ما ستر من بناء أو حظيرة من الخشب يستظل بها من حر الشمس.
[ (٣) ] قال: من القيلولة وهي نوم الظهيرة. والفيء: ما كان شمسا فزال عنه ونسخه الظل.
[ (٤) ] بطن عرفة: وادي بحذاء عرفات.
[ (٥) ] جمع: هو مزدلفة.