للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذكر من استعمله رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على الحج

اعلم أن مكة لما فتحها اللَّه عز وجل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في سنة ثمان من الهجرة واستعمل عليها عتاب بن أسيد حجّ ناس من المسلمين، وحجّ المشركون على مدتهم على ما كانوا عليه من استعمال النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وذلك أن العرب في جاهليتها، كانت في الحجّ على حالتين: إحداهما الفرقة التي كانت متمسكة بعهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وكان حجّهم على نحو ما يعمله أهل الإسلام، والفرقة الثانية التي أنشأت اليهود، يعني أخّرتها، وذلك أنها أرادت أن يكون الحج في وقت إدراك الثمار، وأن ينبت حالة واحدة في أطيب الأزمنة، فتعلموا لبس الشهور من اليهود المجاورين، وذلك قبل الهجرة بنحو مائتي سنة، وعملوا بها كما عمل اليهود من إلحاق فصل ما بين سنينهم القمرية وبين السنة الشمسية، وتولى عمل ذلك للعرب السادة المعروفون بالقلامس من بني كنانة، واحدهم قلمس، وكان يقوم بعد انقضاء الحج فيخطب وينسئ الشهور ويسمي الشهر الثاني له باسمه، فيقبل الجميع


[ () ] يا معشر العرب، قد كان لكم الليلة شأن! قالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا، واللَّه لئن نبش، لا ضرب بنا قوس في بلاد العرب، فكانوا إذا قحطوا، كشفوا عن قبره فأمطروا.
وقال ابن سعد من طريق الواقديّ: مات أبو أيوب سنة (٥٢) ، وصلى عليه يزيد، ودفن بأصل حصن القسطنطينية، فلقد بلغني أن الروم يتعاهدون قبره ويستسقون به. وقال خليفة: مات سنة (٥٠) ، وقال يحي بن بكير: سنة (٥٢) . (سير أعلام النبلاء) : ٢/ ٤١٢- ٤١٣.
والاستسقاء بأهل الصلاح إنما يكون في حياتهم لا بعد موتهم، كما فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقد روى البخاري في (صحيحه) في كتاب الاستسقاء باب سؤال الإمام الاستسقاء من طريق أنس/ أن عمر بن الخطاب- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال: اللَّهمّ إنا كنا نتوسل إليك بنينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا، فيسقون.
وقد بين الزبير بن بكار في (الأنساب) صفة ما دعا به العباس فيما نقله عن الحافظ: «اللَّهمّ إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث» . (هامش المرجع الاسبق) .