للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هبة أمهات المؤمنين أيامهن لعائشة]

فقلن يا رسول اللَّه، قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة وروي أنه لما ثقل واشتد وجعه، استأذن أزواجه أن يمرّض في بيت عائشة، فأذن له، فخرج بين الفضل ابن العباس وعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنهما. تخط رجلاه في الأرض [ (١) ]- وذلك يوم الأربعاء الآخر [ (٢) ]- حتى دخل بيت عائشة رضي اللَّه عنها، فأقام في بيتها حتى توفي.

[اشتداد الحمى وإراقة الماء عليه]

ولما اشتد وجعه بعد أن دخل بيتها. قال، أهريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن [ (٣) ] ، لعلّي أعهد إلى الناس، فأجلسوه في مخضب [ (٤) ] لحفصة رضي اللَّه عنها من صفر، ثم صبّوا عليه تلك القرب، ثم خرج إلى الناس فصلّى بهم وخطبهم: وكانت تلك القرب من بئر أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه عنه.

[خطبته قبل وفاته]

وخرج يوم السبت عاشر ربيع الأول- مشتملا قد طرح طرفي ثوبه على عاتقيه، عاصبا رسه بخرقة- فأحدق الناس به وهو على المنبر.

فقال: والّذي نفسي بيده، إني لقائم على الحوض الساعة- ثم تشهّد واستغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد-

ثم قال:

[ذكر التخيير]

إن عبدا من عباد اللَّه خيّر بين الدنيا وبين ما عند اللَّه فاختار ما عند اللَّه العبد! فبكى أبو بكر رضي اللَّه عنه فقال: بأبي وأمي! نفديك بآبائنا وأمهاتنا، وبأنفسنا وأموالنا، فقال: على رسلك [يا أبا بكر] [ (٥) ] سدّوا هذه الأبواب الشّوارع [ (٦) ] إلى


[ (١) ] في (خ) «ورجلاه تحط الأرض، وما أثبتناه من (ابن سعد) ج ٢ ص ٢٣٢.
[ (٢) ] قوله: «بوم الأربعاء الآخر» أي التالي للأربعاء الأول الّذي بدئ فيه.
[ (٣) ] أريقوا، أهريقوا: صبوا: والأوكية جمع وكاء، وهو الخيط الّذي يشد به فم السقاء أو الوعاء.
[ (٤) ] في (خ) «محصب» ، والمخضب إناء واسع تغسل فيه الثياب.
[ (٥) ] زيادة للبيان من (ابن سعد) .
[ (٦) ] الشوارع: النافذة والمؤدية إلى المسجد.