للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ولد عام الفيل لا يختلفون في ذلك، ونبّئ على رأس أربعين من الفيل، وذلك على رأس مائة وخمسين سنة من عام حجة الغدر [ (١) ] ولستّ عشرة سنة من ملك أبرويز، ويقال: بل لعشرين سنة مضت من ملك كسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، وعلى الحيرة إياس بن قبيصة الطائي عاملا للفرس على العرب ومعه النخيرجان [ (٢) ] الفارسيّ على رأس سنتين وأربعة أشهر من ملكهما، وعلى اليمن يومئذ باذان [ (٣) ] أبو مهران.

أول ما نزّل من القرآن

فعلم صلّى اللَّه عليه وسلّم من حينئذ أن اللَّه بعثه نبيا، وذلك أن جبريل عليه السلام أتاه بغار حراء فقال له: اقرأ، قال: لست بقارئ، فغته [ (٤) ] حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله، فقال: اقرأ، قال: لست بقارئ، فعل ذلك به ثلاث مرات ثم قال:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ [ (٥) ] فرجع بها صلّى اللَّه عليه وسلّم ترجف بوادره، فأخبر بذلك خديجة رضي اللَّه عنها وقال: قد خشيت على عقلي، فثبتته وقالت:

أبشر! كلا واللَّه لا يخزيك اللَّه أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل [ (٦) ] وتعين على نوائب الدهر- في أوصاف أخر جميلة عددتها من أخلاقه- تصديقا منها له وإعانة على الحق، فهي أول صدّيق له صلّى اللَّه عليه وسلّم.

وقيل: أول ما أنزل عليه من القرآن: البسملة وفاتحة الكتاب [ (٧) ] وقيل: هي مدنية. وقيل: لما فجأه الحق وأتاه جبريل قال له: يا محمد، أنت يا رسول


[ (١) ] كذا في (خ) ولم يرد لها ذكر في المراجع المعتمدة.
[ (٢) ] في (خ) «الحرجان» .
[ (٣) ] في (خ) «ساذام» وهو خطأ والصواب «باذان، أو باذام» (ط) ص ١٣ «هامش» .
[ (٤) ] في المعجم الوسيط
«فأخذني جبريل فغتني حتى بلغ مني الجهد» :
أي ضغطني ضغطا شديدا (ج ٢ ص ٦٤٤) .
[ (٥) ] الآيات من (١- ٥) من سورة العلق وهي أول ما نزل من القرآن على الإطلاق.
[ (٦) ] الكلّ: تقول: «وكلّ فلان عن الأمر إذا ثقل عليه فلم ينبعث فيه» (التفسير الكبير للفخر الرازيّ ج ٢٠ ص ٨٦) .
[ (٧) ] ذكر الطبري في تفسيره « ... عن عطاء بن يسار، قال: أول سورة نزلت من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ج ٣٠ ص ٢٥٢.