للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللَّه [ (١) ] .

وقيل: أول ما أتى جبريل النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة السبت وليلة الأحد، ثم ظهر له برسالة اللَّه يوم الاثنين لسبع عشر خلت من رمضان، فعلمه الوضوء والصلاة، وعلمه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.

[فترة الوحي]

والتحقيق أن جبريل عليه السلام لما جاءه بغار حراء وأقرأه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ورجع إلى خديجة، مكث ما شاء اللَّه أن يمكث لا يرى شيئا وفتر عنه [ (٢) ] الوحي، فاغتم لذلك وذهب مرارا ليتردى من رءوس الجبال شوقا منه إلى ما عاين أول مرة من حلاوة مشاهدة وحي اللَّه إليه. فقيل: إن فترة الوحي كانت قريبا من سنتين، وقيل: كانت سنتين ونصفا، وفي تفسير عبد اللَّه بن عباس كانت أربعين يوما، وفي كتاب معاني القرآن للزجاج كانت خمسة عشر يوما، وفي تفسير مقاتل ثلاثة أيام، ورجّحه بعضهم وقال: ولعل هذا هو الأشبه بحاله عند ربه [ (٣) ] .

[تتابع الوحي وبدء الدعوة]

ثم تبدي له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته وبشره أنه رسول اللَّه حقا، فلما رآه فرق منه،

وذهب إلى خديجة رضي اللَّه عنها فقال: «زمّلوني ...

دثّروني ... » ،

فأنزل اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ [ (٤) ] فكانت الحالة الأولى بغار حراء حالة نبوة وإيحاء، ثم أمره اللَّه تعالى في هذه الآية أن ينذر قومه ويدعوهم إلى اللَّه عزّ وجلّ. فشمّر صلّى اللَّه عليه وسلّم عن ساق الاجتهاد، وقام في طاعة اللَّه أتم قيام، يدعو إلى اللَّه تعالى الصغير والكبير،


[ (١) ] هكذا في (خ) ولعلها «أنت رسول اللَّه» .
[ (٢) ] في (خ) «عن عنه» والصحيح ما أثبتناه.
[ (٣) ] في (تنوير المقياس من تفسير ابن عباس) ص ٥١٣: «حبس اللَّه عنه الوحي خمس عشرة ليلة لتركه الاستثناء، فقال المشركون: ودّعه ربه وقلاه» وفي (البداية والنهاية) ج ٣ ص ١٧ «وقد قال بعضهم:
كانت مدة الفترة قريبا من سنتين أو سنتين ونصفا» .
وفي تفسير الطبري ج ٣ ص ٢٣٢: «لما نزل عليه القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فعير بذلك، فقال المشركون: ودّعه ربه وقلاه. فأنزل اللَّه: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣/ الضحى)
[ (٤) ] ١- ٤/ المدثر.