للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في حفظ اللَّه لنبيه صلّى اللَّه عليه وسلّم في تثبيته عن أقذار الجاهلية ومعايبها تكرمة له وصيانة

قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: فتثبت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مع أبي طالب يكلؤه اللَّه عزّ وجلّ ويحفظه من أقذار الجاهلية ومعايبها لما يريد به من كرامته ورسالته، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين [ (١) ] ، لما جمع اللَّه فيه من الأمور الصالحة. وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فيما


[ (١) ] قال أبو نعيم في (دلائل النبوة) باب ذكر خروج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى الشام ثانيا مع ميسرة غلام خديجة رضي اللَّه عنها، وقصة نسطورا الراهب: ومما يدخل في هذا الباب مما خصّ اللَّه به نبيه في الجاهلية الجهلاء، أن وفقه لوضع الحجر الأسود موضعه بيده لما اختلفت قريش في وضعه، دلالة بصحة نبوته، حديث رقم (١١٣) : حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مشاور قال: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال: حدثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خبّاب عن مجاهد قال: حدثني مولاي عبد اللَّه بن السائب قال: «كنت فيمن بني البيت وأخذت حجرا فسوّيته ووضعته إلى جنب البيت، وإن قريشا قد اختلفوا في الحجر حيث أرادوا وضعه، حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف، فقالوا: اجعلوا بينكم أول رجل يدخل من الباب، فدخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وكانوا يسمونه في الجاهلية [الأمين] ، فقالوا: قد دخل الأمين، فقالوا: يا محمد، قد رضينا بك، فدعا بثوب فبسطه، ثم وضع الحجر فيه، ثم قال لهذا البطن ولهذا البطن، لجميع البطون من قريش: ليأخذ كلّ رجل من كل بطن منكم بناحية من الثوب، فرفعوه، فأخذه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فوضعه» .
هذا الحديث أخرجه الحاكم في (المستدرك) ١/ ٤٥٨، حديث رقم (١٦٨٣/ ٧٥) باختلاف يسير، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه، وله شاهد صحيح على شرطه. قال ابن حجر في (تهذيب التهذيب) : ١١/ ٦٨ ترجمة رقم (١٢٣) : هلال بن خباب العبديّ أبو العلاء البصري، مولى زيد بن صوحان. سكن المدائن ومات بها. روى عن أبي جحيفة، ويحى بن جعدة بن هبيرة، وعكرمة مولى ابن عباس وميسرة أبي صالح وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، ومجاهد بن جبير، والحسن بن محمد بن الحنفية وغيرهم، وعنه الثوري ومعر، ويونس بن أبي إسحاق، وثابت بن زيد أبو يزيد الأحول، وعبد الواحد بن زياد، وهشيم وأبو عوانه، وآخرون.
وقال أبو بكر بن أبي الأسود، عن يحيى بن سعيد القطان: أتيت هلال بن خباب وكان قد تغيّر قبل موته، وقال إبراهيم بن الجنيد: سألت ابن معين عن هلال بن خباب وقلت: إن يحى القطان يزعم أنه تغير قبل أن يموت واختلط، فقال يحى: لا، ما اختلط ولا تغيّر، قلت ليحيى: فثقة هو؟ قال: ثقة مأمون،