للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الوحي وأقسامه]

وتبيان لأنواع الوحي وأقسامه: اعلم أن الوحي للأنبياء والمرسلين يكون تارة في النوم وتارة في اليقظة، فالذي يكون في اليقظة إما بواسطة الملك أو بغير واسطة، ومن الرسل من فضله اللَّه تعالى بأن كلمه اللَّه في اليقظة من وراء حجاب دون وحي ولا بتوسط ملك، لكن بكلام مسموع بالآذان، معلوم بالقلب، زائد على الوحي الّذي هو معلوم بالقلب فقط، أو مسموع من الملك عن اللَّه تعالى، وهذا هو الّذي خصّ به موسى عليه السلام [ (١) ] من الشجرة، ومحمد صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة الإسراء [ (٢) ] من المستوى الّذي سمع فيه صريف [ (٣) ] الأقلام، وقد كان لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الوحي حالات متعددة، فكان الوحي الّذي يلقاه [ (٤) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم منحصرة أقسامه في ثلاثة عشرة وهي: نزول الملك في صورة دحية [ (٥) ] ، ونزوله على الصورة التي خلق عليها وله ستمائة جناح، ونفث [ (٦) ] روح القدس في روعه، ورؤيته في المنام، وسماعه مثل صلصلة الجرس، ونزول إسرافيل عليه، وتكليمه اللَّه تعالى بلا واسطة من وراء حجاب في اليقظة، وتكليمه تعالى كذلك في المنام، والعلم الّذي يلقيه سبحانه في صدره وعلى لسانه عند الاجتهاد في الوقائع لأن الشيطان ليس له إلى باطن الأنبياء من سبيل، فخواطر الأنبياء كلها إما ربانية أو ملكية أو نفسية، لا حظّ للشيطان في قلوبهم، لأنهم مشرعون، فلذلك عصمت بواطنهم، والوحي المشبه بدويّ النحل، ومجيء جبريل في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، ومجيء ملك الجبال، والخطاب مشافهة على قول من يثبت الرؤية، وسنقف على شرح ذلك وتبيانه من الأحاديث المسندة بطرقها إن شاء اللَّه تعالى.


[ (١) ] لعلها شجرة الأنبياء عليهم السلام.
[ (٢) ] سيأتي الحديث عنها عند الكلام على الإسراء والمعراج إن شاء اللَّه تعالى، وفي (خ) : «الإسرى» .
[ (٣) ] صريف الأقلام: أي صوت جريانها بما تكتبه من أقضية اللَّه ووحيه، وما يستنسخونه من اللوح المحفوظ، وفي حديث موسى، على نبينا وعلى نبينا وعليه السلام: أنه كان يسمع صريف القلم حين كتب اللَّه تعالى له التوراة. (لسان العرب) : ٩/ ١٩٣.
[ (٤) ] في (خ) : «يقاه» .
[ (٥) ] هو دحية الكلبي.
[ (٦) ] في (خ) : «نفس» .