للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما دفع اللَّه عن الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم ما قرفه به المكذبون، ونهي اللَّه تعالى العباد عن مخاطبته باسمه

اعلم أن الأمم السالفة كانت تخاطب أنبياءهم بأسمائهم، كقولهم: يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [ (١) ] ، وقولهم: يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً [ (٢) ] ، وقولهم: يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ [ (٣) ] ، وقولهم:

يا صالِحُ ائْتِنا [ (٤) ] ، فشرف اللَّه الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم بتبجيل قدره، ونهى الكافة أن يخاطبوه باسمه، فقال تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [ (٥) ] ، فندبهم اللَّه تعالى إلى تكنيته بالنّبوّة والرسالة، رفعة لمنزلته وتشريفا لقدره على جميع الرسل والأنبياء، وأوجب تعالى تعزيره صلى اللَّه عليه وسلّم وتوقيره، وألزم سبحانه إكرامه وتعظيمه، قال ابن عباس: تعزروه: تبجلوه، وقال المبرد:

تعزروه: تبالغوا في تعظيمه، وقال الأخفش: تنصرونه، وقال الطبري: تعينونه، وقرأ تعززونه بزاءين من العز.

[و] [ (٦) ] خرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة من حديث أبي رزق عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللَّه عنه في قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [ (٧) ] قال: كانوا يقولون: يا محمد يا أبا القاسم، قال:

فنهاهم اللَّه عن ذلك إعظاما لنبيه صلى اللَّه عليه وسلّم، قال: فقالوا: يا نبي اللَّه، يا رسول اللَّه.

ولأبي نعيم من حديث محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس:

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً يعني كدعاء أحدكم إذا


[ (١) ] الأعراف: ١٣٨.
[ (٢) ] المائدة: ١١٢.
[ (٣) ] هود: ٥٣.
[ (٤) ] الأعراف: ٧٧.
[ (٥) ] النور: ٦٣.
[ (٦) ] زيادة للسياق.
[ (٧) ] النور: ٦٣.