للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتي به صلى اللَّه عليه وسلّم

قال اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [ (١) ] ، وقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ (٢) ] ، فجمع تعالى بينهما بواو العطف المشتركة، ولا يجوز جمع هذا الكلام في غير حقه صلى اللَّه عليه وسلّم، قال: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [ (٣) ] ، وقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [ (٤) ] ، وقال:

وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ (٥) ] ، وقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [ (٦) ] الآية، وقال: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [ (٧) ] ، فجعل طاعة رسوله طاعته تعالى، وقرن طاعته بطاعة رسوله صلى اللَّه عليه وسلّم، ووعد على ذلك بجزيل الثواب، وأوعد على مخالفته بسوء العقاب، وأوجب امتثال أمره واجتناب نهيه، فبيّن أنه سبحانه وتعالى فرض على الكافة بأسرها طاعة رسوله صلى اللَّه عليه وسلّم فرضا مطلقا لا شرط فيه ولا استثناء، كما فرض تعالى طاعته ولم يقل من طاعتي، أو من كتابي أو بأمري، وحين فرض أمره ونهيه صلى اللَّه عليه وسلّم على الخلق طرا كفرض من التنزيل، لا يزاد في ذلك، ولا يطلب فيه تنبيه، كما أخبر تعالى عن قوم موسى عليه السلام أنهم قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [ (٨) ] ، وذلك أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أولى بأمته وبأموالهم وأنفسهم وأهليهم وذراريهم منهم بأنفسهم، قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ (٩) ] ، وقع ذلك منهم بوفاقهم وكراهيتهم، فإنه تعالى حكم على من وجد في نفسه شيئا من


[ (١) ] النساء: ٥٩، وفي (خ) : «ورسوله» .
[ (٢) ] آل عمران: ٣٢.
[ (٣) ] النور: ٥٤.
[ (٤) ] النساء: ٨٠.
[ (٥) ] الحشر: ٧.
[ (٦) ] النساء: ٦٩.
[ (٧) ] النساء: ٦٤.
[ (٨) ] البقرة: ٥٥.
[ (٩) ] الأحزاب: ٦.