للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنها من أعظم النعم، وضعفه لأنّ الأيدي بمعنى النعم قليل في الاستعمال حتى أنكره بعض أهل اللغة، وان كان الصحيح خلافه، ولأنّ الرذ والأفواه يناسب إرادة الجارحة، وقوله بمعنى الأيادي إشارة إلى أنه المعروف في الاستعمال بمعنى النعم كقوله:

أيادي لم تمنن وان هي جلت

وهو جمع أيد جمع يد فهو جمع الجمع لا جمع يدكما توهم. قوله: (أي ردوا أيادي الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام، وقوله فكأنهم إشارة إلى أنه تمثيل على هذا، وأنّ الضميرين راجعان إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو الوجه الثالث، والأيادي وحدها مجاز لا الأفواه، وقيل إنه مجاز أيضا، وفيه نظر. قوله: (على زعمكم (لأنهم لا يسلمون إرسالهم فلا تنافي بين كفرهم، وذكر رسالتهم، وما أرسلوا به الكتب، والشرائع. قوله تعالى: ( {وَإِنَّا لَفِي

شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا} ) فإن قلت أنا كفرنا جزم بالكفر لا سيما، وقد أكد بأنّ فقولهم إنا لفي شك ينافيه قلت أجيب بأنّ الواو بمعنى أو أي أحد الأمرين لازم، وهو إنا كفرنا جزما فإن لم نجزم فلا أقل من أن نكون شاكين فيه، وأياما كان فلا سبيل إلى الإقرار، وقيل إنّ الكفر عدم الإيمان عمن هو من شأنه فكفرنا بمعنى لم نصدق، وذلك لا ينافي الشك أو متعلق الكفر الكتب، والشرائع، ومتعلق الشك ما يدعونهم إليه من التوحيد مثلاً، والشك في الثاني لا ينافي القطع في الأوّل، وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إليه. قوله: (من الإيمان) أي المؤمن به أو في صحته إذ لا يظهر الشك في نفس الإيمان، وقوله بالإدغام أي إدغام نون الرفع في نون الضمير، وقوله موقع في الريبة فهو من أرانبي بمعنى أوقعني في الريبة، والثاني من أراب بمعنى صار ذا ريبة وهي صفة مؤكدة، وقد مز تحقيقه. قوله: (أدخلت همزة الإنكار على الظرف الخ) قيل المعنى أفي الله وحده شك لأنهم لم يكونوا دهرية منكرين للصانع بل عبدة أوثان فقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إشارة إلى برهان التمانع وقيل إنه يعم الشك في وجوده، ووحدته لأنّ فيهم دهرية، ومشركين، وقوله فاطر السماوات إشارة إلى الدليل عليهما، وتقديم في الله ليس بقصر بل للاهتمام بالمنكر المشكوك فيه لأنّ المنكر كونه تعالى محل الشك لا نفس الشك فإنه غير منكر، وقيل عليه إن تعليله يقتضي جواز التأخير لولا هذا القصد، وليس كذلك، وهو خطأ لأنّ وقوع النكرة بعد الاستفهام مسوغ للابتداء بها نحو هل رجل في الدار كما ذكره ابن مالك، وغيره فما قيل في جوابه أن المراد لم جعل هذا التركيب هكذا، وإن كان وجوبأ لا وجه له مع تعسفه، وقوله وهو لا يحتمل الشك أي احتمالاً ناشئا عن تأمل. قوله: (وشك مرتفع بالظرف الاعتماده على الاستفهام مع جواز كونه مبتدأ، ورجحه لأنّ فيه عدم الفصل بين التابع، ومتبوعه بأجنبي وهو المبتدأ بخلاف الفاعل فإنهم لم يعدوه أجنبيا لكونه كالجزء من عامله. قوله:) يدعوكم إلى الإيمان ببعثه إيانا (فعلى هذا المدعوّ له غير المغفرة، وهو الإيمان بقرينة إنا كفرنا، وعلى الوجه الثاني المدعوّ إليه المغفرة لا لأنّ اللام بمعنى إلى فإنه من ضيق العطن بل لأنّ معنى الاختصاص، ومعنى الانتهاء كلاهما واقعان في حاق الموقع فكأنه قيل يدعوكم إلى المغفرة لأجلها لا لغرض آخر، وحقيقته أنّ الأغراض آخر غايات مقصودة تفيد معنى الانتهاء، وزيادة كذا إفادة المدقق في الكشف، والحاصل أنّ المدعوّ إليه في الأوّل الإيمان، وليغفر لكم تعليل قصدا، وفي الثاني المدعو إليه المغفرة، والتعليل لازم لكن من غير

قصد، وقد قيل في الفرق بين الوجهين أن ليغفر لكم سبب غائيّ على الأوّل فتقدير المدعو إليه، وهو الإيمان لأنّ المغفرة ليست غاية لمطلق الدعوة بل للدعوة إلى الإيمان، وسبب حامل على الثاني فلا يحتاج إلى المدعو إليه، ولا يخفى أنّ العبادة تأباه. قوله: (بعض ذنوبكم وهو ما بينكم وبيته الخ) المراد بما بينهم، وبين الله حقوق الله الخالصة له، وان كان هذا التعبير يستعمل فبما خفي منها لكنه غير مراد هنا وهذا بناء على أنّ الإسلام لا يرفع المظالم، والذي صححه المحدّثون في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: " أنّ الإسلام يهدم ما قبله " أنه يرفع ما قبله مطلقا حتى المظالم، وحقوق العباد وفيه تأمّل، والتوفيق بين الآيات الواقع فيها من وغيرها محتاج إليه لأنّ من التبعيضية مدلولها البعضية المجرّدة من الكلية لا الأعمّ منه الشامل لما هو في ضمنها، ولما تجرّد عنها كما صرّح به في التلويح، وما قيل عليه إنه محل نظر

<<  <  ج: ص:  >  >>