للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في السر والعلن وأسروا الخ، وقوله: بالضمائر الخ فيدل على استواء السر والجهر عنده لأنه يعلمها قبل التعبير عنها فكيف بعده فسواء السرّ والجهر. قوله: (سرّا وجهرا (وفي نسخة أو جهراً وهو منصوب بنزع الخافض أو هو تمييز وكون نسبة التعبير لا إيهام فيها مكابرة والتقدير سرّاً! لان أو جهراً، وقوله: من أوجد الأشياء أي جميعها حتى السرّ والجهر فكيف لا يعلمه والخلق يستلزم العلم، وقوله: السر والجهر إشارة إلى أنه المفعول المقدر بقرينة ما قبله وأنه حذف لمجرد الاختصار دون قصد العموم لأنّ المقصود استواء السرّ والجهر لديه، ولذا قدر مفعول خلق عاما إشارة إلى أنه من مقدّمات الدليل، وهو اللطيف الخبير مسوق لبيان استلزام الخلق للعلم فلو قدر مفعول العلم خاصا كان خلواً عنها فيكون مستغنى عنه، وإن خص بالسرّ والجهر كان لغواً غير مفيد فتأمّل. قوله: (المتوصل علمه الخ) فيكون علمه محيطا بالجزئيات والكليات فكيف لا يعلم السرّ والجهر من هذا شأنه قال الغزالي: إنما يستحق اسم اللطيف من يعلم دقائق الأمور وغوامضها وما لطف منها، ثم يسلك في إيصال ما يصلحها سبيل الرفق دون العنف والخبير هو الذي لا يعزب عن علمه الأمور الباطنة فلا تتحرك في الملك والملكوت ذرّة ولا تسكن، أو تضطرب نفس إلا وعنده خبرها وهو بمعنى العليم وقوله: (ولا يعلم الله من خلقه) يعني أن من مفعول والعائد مقدر حينئذ ولا يصح أن يكون خلق عاما لأنه لو قصد العموم قيل ما خلق فلا يرد أنه تقييد للشيء بنفسه، ولا عبارة عن السر والجهر لأنّ من لما يعقل فلا وجه لتوهم مثله. قوله: (يستدعي أن يكون ليعلم مفعول) أي خاص كما قيدوه ليفيد لأنه لو لم يكن له مفعول خاص بأن يقدر عاما أو لا يقدّر لأنه في معنى العام المقدر، وكانت الجملة خالية يكون تقييداللشيء بنفسه لأنه علم ماظهر وما بطن بمعنى علم كل شيء فالمعنى ألا يعلم كل شيء، وهو العالم بكل شيء وهو لغو غير مفيد فإن قلت: إذا نزل منزلة اللازم من غير قصد للعموم يكون المعنى أن لا يثبت له أصل العلم، وهو العالم بظواهر الأمور وبواطنها أفاد فما المانع منه قلت لأنه في المقام الخطابي يفيد العموم كما ذكره السكاكي، ولو ادّعى أنّ هنا قرينة معنوية على عدم إرادته وهو عدم استقامته فالمقصود هنا أيضا ليس إثبات أصل العلم فإنه لم ينكره احد فكيف يثبت له مع الاستفهام الإنكاري، وذو الحال فاعل يعلم أو خلق إذ لا تفاوت بينهما كما قيل: وقد جوّز فيه كونه معطوفاً على الصلة فتأمّل. قوله: (لينة الخ) المراد باللين هنا ليس

ضد الخشونة بل ضد الصعوبة من قولهم: للدابة لينة الشكيمة إذا كانت منقادة غير صعبة من الذل بالكسر، وهو سهولة الانقياد كما ذكره الجوهريّ فهو استعارة كما صرح به الزمخشريّ وسيأتي بيانه، وقيل إنه تشبيه بليغ لذكر المشبه وهو الأرض وفيه نظر. قوله: (في جوانبها أو جبالها) فالمناكب استعارة تصريحية تحقيقية وهي قرينة للمكنية في الأرض حيث شبهت بالبعير ففيه استعارة تحقيقية ومكنية فإن قلت كيف تكون مكنية، وقد ذكر طرفها الآخر في قوله: ذلولاً قلت: هو بتقدير أرضاً ذلولاً فالمذكور جنس الأرض المطلق والمشبه هو الفرد الخارجي، وهو غير مذكور فيجوز كون ذلولاً استعارة والمكنية حينئذ هي مدلول الضمير لا المصرح بها في النظم والمانع من الاستعارة ذكر المشبه بعينه لا بما يصدق عليه كما مرّ في سورة يوسف فتذكره، وقد غفل عنه بعضهم هنا. قوله: (وهو مثل الخ) هكذا هو في الكشاف وقد بين هو مراده في شرح مقاماته فقال: المشي في مناكبها مثل لفرط التذليل ورضح معنى الذل! بوطء المناكب والتقلب فيها كما ذكرناه في الكشاف، اهـ فالمعنى أنه ليس هنا أمر بالمشي حقيقة وأنما القصد به إلى جعله مثلاً لفرط التذلل سواء كانت المناكب مفسرة بالجوانب أو الجبال وسواء كان ما قبله استعارة أو تشبيهاً، ومن لم يقف على المراد منه قال: الواو بمعنى أو فإنه إذا جعل مثلا لم تكن المناكب مستعارة للجوانب، والجبال بل تشبه الأرض بالبعير على نهج الكناية ويثبت لها المناكب تخييلا وزاد فيه من قال: المراد تذلل الأرض لا تذلل البعير كما توهم فاعترض عليه بما مر حتى احتيج إلى القول بأن الواو بمعنى أو والمراد هو مثل إن لم تحمل المناكب على الجوانب والتمثيل أيضاً مناف لجعل الأرض والمناكب استعارة مكنية، وتخييلية فالجمع بينهما خطأ وهو كله من ضيق العطن، وقلة الفطن فتدبر

<<  <  ج: ص:  >  >>