للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو العبودية وفي كلامه إيهام لتعلق يدعو لقيامه، على أنّ المعنى قيامه للعبادة. قوله: (كاد الجن الخ) الضمير يحتمل عوده للجن أو للإنس، أو للكل، فعلى قراءة الفتح، وجعله من الموحي الضمير للجن، أي أوحى إليه حالهم لما رأوه يصلي، وعلى الكسر فالضمير للمقتدين به من الأصحاب، وهو من مقول الجن، وقوله: متراكمين تفسير لقوله: لبداً، أي مجتمعين مزدحمين حوله. قوله: (أو كاد الإنس والجن) على أنّ الضمير عامّ للفريقين، واجتماعهم لإبطال أمره، ويدعو من الدعوة لا بمعنى العبادة على هذا، وهذا على قراءة الكسر، وكونها جملة مستأنفة إبتداء إخبار منه تعالى عن حال رسوله تمهيداً لما بعده، وتوكيداً لما قبله، مقابلاً لقوله: وإنّ المساجد دلّه، كأنهم لما نهوا عن الشرك ودعوا للتوحيد قابلوه بالعداوة والجد في نقض أمره، وقوله: لبدة بكسر اللام وسكون الموحدة، وتلبد بمعنى اجتمع، ولبدة الأسد الشعر المجتمع بين كتفيه، وقوله: وعن ابن عامر الخ، أي قرأها بضم اللام وفتح الباء، جمع كزبرة وزبر، وهي لغة في جمعه، وروي عن ابن عامر الكسر أيضا، وكلاهما صحيح كما في الن! ثر، وقوله: لبداً كسجد بالضم والتشديد، وقوله: لبد بضمتين، والقراآت فيه مبينة مفصلة في النشر. قوله: (يوجب تعجبكم) هذا على كون الضمير للجن، وقوله: أو إطباقكم على مقتي وبغضي، على أن الضمير للجن والإنس جميعا، وقوله: عاصم وحمزة هو رواية عن أبي عمرو أيضاً، وقوله: ولا نفعاً فسر الرشد بالنفع لوقوعه في مقابلة الضر، وكذا تأويل الضرّ بالغيّ لوقوعه في مقابلة الرشد، فلا بد من تاويل الأوّل أو الثاني. قوله: (عبر عن أحدهما الخ) يعني إمّا أن يراد بالرشد النفع تعبيرا باسم السبب عن المسبب، أو يراد بالضرّ الغي تعبيرا باسم المسبب عن السبب، ففيه لف ونشر مرتب، ووجه إشعاره بالمعنيين أنّ السبب يشعر بالمسبب كعكسه، ويجوز أن يجرد من كل

منهما ما ذكر في الآخر، فيكون احتباكا، فالتقدير لا أملك لكم ضرا ولا نفعاً ولا غبار ولا رشداً، وقوله: منحرفا هو معناه الحقيقيّ، وملتجأ هو المجازي المراد، وقد جوّز فيه الراغب كونه اسم مكان ومصدرا. قوله: (استثناء من قوله: لا أملك الخ) يعني أنه استثناء من مفعوله، أعني ضراً ورشدا لأنه في معنى لا أملك شيئا كما في الكشف، وهو متصل، وظاهر قول المصنف رحمه الله تعالى، فإن التبليغ الخ، أنه مستثنى من رشد أوحده، والاستثناء من المعطوف دون المعطوف عليه جائز، والأوّل أولى ولفظ الإنفاع خطأ كما مرّ، لأنه لم يسمع له مزيد، وقوله: اعتراض الخ دفع للاعتراض بكثرة الفصل المبعدة له، والاستطاعة تؤخذ من توله: لا أملك لأنه بمعنى أقدر وأستطيع، وقوله: أو من ملتحداً فالاستثناء منقطع لأن البلاغ من الله، وقيل: إنه من التعليق بالمحال، كقوله: {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [سورة الدخان، الآية: ٥٦، وجوّز صاحب الكشف في الأوّل إن لم يؤوّل شيئاً أن يكون كقوله:

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم

الخ. قوله: (ومعناه أن لا أبلغ الخ) وفي الكشاف معناه أن لا أبلغ بلاغا، كقولك: إلا

قياماً فقعودا، وظاهره أنّ المصدر سد مسد الشرط كمعمول كان، والأكثر على أنّ حذف جملة الشرط مع بقاء الأداة جائز، وذهب أبو حيان وغيره إلى أنه لا يحذف إلا مع بقاء لا النافية، كقوله:

وألا يعل مفرقك الحسام

وان اختار في شرح التسهيل الجواز مطلقاً، واعترض بأنه كيف يقع الخلاف فيه، واشتراط بقاء لا مع ورود مثل قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [سورة التوبة، الآية: ٦] والناس مجزيون بأعمالهم إنّ خيراً فخيرا، لا أن يراد حيث يكون الشرط منفياً بها، إلا أنه لا يحذف إلا حيث ينفي بها مطلقاً فيسهل الأمر حينئذ، وليس بشيء فالظاهر أن اطراد حذفه مشروط ببقاء لا، ما لم يسد مسد شيء من معمول أو مفسر، وهو مراد النحاة فلا يرد ما ذكره. قوله: (وما قبله دليل الجواب الا اعتراض كما قيل، وفي منافاته للاعتراض نظر، وقوله: عطف على بلاغاً لا ينبغي تقدير المضاف فيه، أي بلاغ رسالاته، فإنه يكون من عطف الشيء على نفسه إلا أن يوجه، بأن البلاغ من الله فيما أجد عنه بغير واسطة، والبلاغ ما هو بها وهو بعيد غاية البعد. قوله: (في الأمر بالتوحيد الخ (إن كان المراد بالرسول رسول البشر وهو الظاهر، فالمعنى في شأن الأمر بالتوحيد وأمثاله، وإن كان رسول الملائكة فالمراد أن لا يبلغ

كما وصل إليه، وقوله: إذ الكلام الخ، يعني أنه مخصوص بقرينة المقام، فلا يصح استدلال المعتزلة به على تخليد العصاة في النار، وقوله: وقرئ فإنّ أي بفتح الهمزة، وقوله: على فجزاؤ. أن أي يجعل خبر مبتدأ مقدر تقديره

<<  <  ج: ص:  >  >>