للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام قضاء العمرة التي أحصر عنها سمع تلبية حجاح اليمامة فقال هذا الحطيم، وأصحابه فدونكموه، وكان قد قلد ما نهب من السرح، وجعله هديا فلما توجهوا لذلك نزلت هذه الآية وهذا الحديث أخرجه ابن جرير عن عكرمة وسمي الرجل الحطيم بن هند البكري فليحرّر.

قوله: (وعلى هذا فالآية منسوخة الخ) إن كان هذا مخصوصاً بالمشركين والمنع عن قتالهم، ودخولهم المسجد الحرام فإنهما نسخا فماذا كان للمسلمين، والمشركين، وخصوص

السبب لا يمنع عموم اللفظ فالنسخ في حق المشركين خاصة، وهو في الحقيقة تخصيص لكن لما كان المخصص متراخياً لا مقارنا سمي ناسخاً كما هو مذهب الحنفية فينبغي أن يحمل كلام المصنف رحمه الله تعالى على الأوّل لأنه شافعي لا يسمى مثله نسخاً فتدبر. قوله: (وقرئ تبتغون على خطاب المؤمنين) هذه قراءة حميد بن قيس الأعرج في الشواذ قيل، وهي قلقة لقوله من ربهم، ولو أريد خطاب المؤمنين لكان المناسب من ربكم، وربهم وقيل ترك التعبير بما ذكر للتخويف بأنه ربهم يحميهم، ولا يرضى بما فعلتموه، وفيه بلاغة لا تخفى، واشارة إلى ما مرّ من أنه الله رب العالمين لا المسلمين فقط فافهم. قوله: (إذن في الاصطياد بعد زوال الإحرام ولا يلزم من إرادة الإباحة الخ) قال الزجاح، ومثله لا تدخلن هذه الدار حتى تؤذي ثمنها فإذا أذيت ثمنها فأدخلها أي إذا أذيت أبيح لك دخولها، وهذه مسألة أصولية فقيل الأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة واستدلّ بهذه الآية والمصنف رحمه الله تعالى لا يراه فلذا قال إنّ الأمر هنا للتوسعة، ورفع المنع، والصيد ليس مأموراً به فلا وجه للإيجاب فيه، ولا تكون الآية دليلاً على ما ذكر فإن كان ما يقتضي الإيجاب أو الاستحباب عمل به، ومن قال حقيقته الإيجاب قال إنه مبالغة في صحة المباح حتى كأنه واجب، وقيل إنّ الأمر في مثله لوجوب اعتقاد الحل، وفيه نظر، وتحقيقه في أصول الفقه. قوله: (وقدئ بكسر الفاء الخ) هذه قراءة شاذة منسوبة للحسن، وضعيفة من جهة العربية لأنّ النقل إلى المتحرّك مخالف للقياس وقيل إنه لم يقرأ بكسرة محضة بل أمال لإمالة الطاء، وأن كانت من اهـ عستعلية، وقرئ أحللتم بالهمزة لأنه يقال حل من إحرامه، وأحل بمعنى فقوله: وأحللتم معطوف على بكسر الفاء أي، وقرئ أحللتم. قوله: (لا يحملنكم أو لا يكسبنكم (يعني أن معنى جرم حمل كما نقل عن ثعلب، والكسائي يقال جرمه على كذا أي حمله عليه فعلى هذا يتعذى لواحد بنفسه، وهو الضمير هنا، إلى الآخر بعلى، وهو أن تعتدوا فتقديره على أن تعتدوا، ومحله بعد حذف الجار إما جر أو نصف على المذهبين أي لا يحملنكم بغض قوم على الاعتداء عليهم، وقال أبو عبيد والفراء: معناه كسب يقال جرم وأجرم بمعنى كسب، ومنه الجريمة وكسب يتعدى لواحد أيضاً، وقد يتعدّى لاثنين فكذا جرم يقال ك! سب ذنبا، وأكسبه ذنباً فعلى هذا أن تعتدوا مفعول ثان له، وأصل مادّته موضوعة لمعنى القطع لأنّ الكاسب ينقطع لكسبه، ومنه لا جرم وسيأتي تحقيقه. قوله: (شدّة بغضهم وعداوتهم الخ) الشنآن البغض أو شدته، وسمع في نونه الفتح والتسكين،

وفيهما احتمالان أن يكونا مصدرين شذوذا لأن فعلانا بالفتح مصدر ما يدل على الحركة كجولان، ولا يكون لفعل متعذ كما قاله سيبويه: وهذا متعد لأنه يقال شنأته، ولا دلالة له على الحركة، وقيل: إنّ في الغضب غليان القلب، واضطرابه فلذا ورد مصدره كذلك، وفعلان بالسكون في المصادر تليل نحو لويته ليانا بمعنى مطلته أو صفة لأنّ فعلان بالسكون في الصفات كثير كسكران، وبالفتح ورد فيها قليلاَ كحمار قطوان وتي! عدوان فإن كان مصدراً فإضافته إما على الفاعل أو المفعول أي أن يبغضكم قوم أو تبغضوهم، وجوّز المصنف رحمه الله تعالى الوصفية في السكران دون الفتح لندوره فيه كما أشار إليه وإذا كان وصفا فهو بمعنى بغيض أي مبغض بالكسر اسم فاعل كقدير بمعنى قادر واضافته بيانية أي البغيض من بينهم، وليس مضافا إلى فاعله أو مفعوله كالمصدر. قوله: (لأن صدوركم الخ) هذا على قراءة الفتح بتقدير اللام على أنه علة للشنان، وعلى قراءة الكسر إن شرطية، وما قبله دليل الجواب أو الجواب أو الجواب على القول بجواز تقدمه، والصحيح الأوّل، وأورد على قراءة الكسر أنه إن كان الصد المذكور

<<  <  ج: ص:  >  >>