للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٦ - ١٧]، هذا ضمان مِنَ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن يَجْمَعَهُ ويَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٨، ١٩]، أي: بَيَانه لفظًا، ومعنًى، وحُكمًا.

وقوله: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} سبق معنى القرآن، وَأنَّهُ مُشْتَقٌّ مِن قَرَأَ بمعنى: تلا، ومن قرأ بمعنى: جَمَعَ.

وقول المُفَسر رَحَمَهُ الله: [يُلْقَى عليك بِشِدَّة] من أين أخذ كلمةَ بشدَّةٍ من اللفظ؟ من قوله: {لَتُلَقَّى} ولم يقلْ: تَلَقَّى أنت، فهو يُلقَّاه، فكأنه يشعر بالشدَّة، ولكِنه ما يَتبيَّن لي كثيرًا، ودلالة تلقى عليه فيها غُمُوض، إِنَّمَا لَا شَكَّ أنَّ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - يجد من تلقَّي الوحي شِدَّة.

وقوله: [{مِنْ لَدُنْ} من عند]، يعني أن {لَدُنْ} بمعنى عند، ويقال فيها أيضًا: لدى، قَالَ تَعَالَى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: ٢٩]، وقال تَعَالَى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] , لَدُنّا هي: لَدُنْ، ولَدَيَّ هي: لدى، فيقال هَذَا وهَذَا، ولكِن القرآن كما هُوَ معلومٌ تَوْقِيفِيّ، لا يُمْكِن أنْ نُبدِّل لفظًا بدلَ آخرَ، ولو كَانَ بمعناهُ.

وقوله: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} المُراد به اللهُ جَلَّ ذِكْرُه.

والحكيم تَقَدَّمَ أنّهُ مشتق مِنَ الحُكْمِ والإِحْكَامِ الذِي بمعنى الإتقانِ، وَهُوَ الحِكْمَة.

والحكمُ الثابتُ للهِ عَز وجلَّ أو المُتَّصِف به الله سبحانه وتعالى يَنْقَسِم إِلَى قسمينِ: حُكْم شَرْعِي، وحكم قَدَريّ.

فالحكْمُ الشَرْعِيّ كثيرٌ فِي الْقُرْآن، كما فِي قولِه تَعَالَى فِي سُورة المُمْتَحِنَة لما ذكر

<<  <   >  >>