للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ أنَّ {أَيَّانَ} هَذِهِ ظرفٌ لَكِنَّها اسْتِفْهاميَّة، و (وقت) ظَرف مجرَّدة منْ الاسْتِفْهامِ، ولهَذَا تفسير (أيَّان) بـ (وقت) قُصورٌ، ولو قَالَ المُفَسِّر: (متى يُبعثون)، لكان هُوَ المناسِب؛ لِأَنَّ (أيَّان) ظرف وهي متضمِّنة للاسْتِفْهامِ معلِّقة للفعلِ عن العَمَلِ؛ الفِعْل: {يَشْعُرُونَ}، فالجملة {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فِي محل نصب لـ (يشعرون)، ولو كَانَ التَّقْدير: وقت يبعثون؛ لم يكن فِي الجملةِ تعليقٌ.

فإِذَنِ: المُفَسِّر بتقديرِهِ: [وقت] ضيَّع علينا مسألتينِ:

المسألة الأولى: ما تَضَمَّنَتْهُ {أَيَّانَ} منْ الِاسْتِفْهامِ.

والمسألة الثَّانِيَة: كون الجملة هنا فِي مَحَلّ نصبٍ؛ لِأَنَّهَا معلّقة بـ {أَيَّانَ}، وَعَلَى تقديره تكون {أَيَّانَ} نفسها هِيَ المَفْعُول، هَذَا ما ينبغي التنبُّه له؛ لِأَنَّهُ ينبغي أن يَكُون التفسيرُ اللفظيُّ خاصَّةً مطابقًا للمفسَّر فِي كُلِّ الأحوالِ.

مسألة: مَنِ ادَّعى أَنَّهُ يعلم متى يُبعَث؛ فما الحكمُ؟

هو كافر، فالَّذِي يَقُول: إن القيامة ستكونُ فِي سنةِ ألفٍ وأربعِمائةٍ وأربعَ عَشْرَة، ونشرَ هَذَا فِي صحف لبنانَ عن كاهن، استنتج أَنَّهَا تكون فِي ألف وأربعمائة وأربعَ عَشْرَةَ، يعني ما بَقِيَ إِلَّا اثنتا عَشْرَة سَنَةً، فهَذَا الَّذِي يصدِّقه أو يشكّ فِي خبره، حَتَّى ولو لم يصدِّق بخبره بل يَكُون عنده تردُّد، يُعتبَر كافرًا؛ لِأَنَّهُ يَجِب الجزمُ بتكذيبِ هَؤُلَاءِ، فيجب أنْ نَجزِم بأن هَؤُلَاءِ كاذبونَ؛ لِأَنَّهُ لا يمكن أن يعلمَ أحدٌ متى تقوم الساعةُ إِلَّا الله.

والنَّبِيّ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أعلمُ البشرِ، وجِبريل أعلمُ الملائكةِ، لمَّا سألَهُ قَالَ: "مَا المَسْئُولُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ" (١)، فلا أحد يدري متى تقومُ الساعةُ إِلَّا اللهُ.


(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم=

<<  <   >  >>