للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{مَنْ فِي النَّارِ} أي: موسى {وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: الملائكة، أو العكس]: {مَنْ فِي النَّار} أي: الملائكة {وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: موسى، واحتمال ثالث أن يَكُون {مَنْ فِي النَّار} موسى {وَمَنْ حَوْلَهَا} البلاد الَّتِي حول هَذِهِ النَّار، لِأَنَّ بلاد الشامِ مُبارَكَة، أو {وَمَنْ حَوْلَهَا} أَهْله. كُلّ ذلك فِيهِ احتمالٌ.

قوله: {مَنْ فِي النَّار} فِيهِ إشكالٌ فِي الحقيقةِ؛ لِأَنَّ (في) للظرفيَّة، والنَّار ظرف، فهل موسى فِي النَّار؟ المُفَسِّر قدَّر لهَذَا فقَالَ رَحَمَهُ اللهُ: [وبارك يَتَعَدَّى بنفسِه وبالحرفِ، ويُقَدَّر بَعْدَ (في) مكان]، يَعْنِي: (مَنْ فِي مكانِ النَّار)؛ لِأَنَّهُ لو كَانَ فِي النَّار حقيقةً لاحترقَ ولكِن يُقدَّر (مكان).

فإذا قيل: ما الفائدةُ مِن قولِهِ: {مَنْ فِي النَّارِ} وحَذْف المكان؟

قُلْنَا: الفائدة من ذلك -واللهُ أَعْلَمُ- شيئانِ:

الشَّيْء الأول: القُرْبُ التامُّ منها، والشَّيْء الثاني: أنّ شعاع النَّار قد وصلَ هَذَا القريب منها؛ لِأَنَّ النَّار كما هُوَ معروف لها شُعاع، والْإِنْسَان القريبُ مِنْهَا يَكُون فِي نفسِ الشعاعِ، فكأنه لِقُرْبِه ووصول شُعاع النَّار إليه صارَ كأنه فيها نفسها، وإلا فليسَ هُوَ فِي نفسِ الشعلة، هَذَا لا يمكِن، فهَذَا - واللهُ أَعْلَمُ - الحِكْمَة من كون الله جَلَّ وَعَلَا قَالَ: {مَنْ فِي النَّارِ}.

مسألة: كثيرٌ مِنَ المفسِّرين يُكْثِرُون حول هَذَا الموضوعِ وَيقُولُونَ: أرادَ أنْ يأخذَ مِنْهَا شيئًا فاتجهتْ إليه ثُمَّ انْقَلَبَتْ إِلَى نورٍ وهَكَذَا؟

الجواب: النَّار هنا نار حقيقيَّة، هَذَا هُوَ الأَصْلُ، وَأَمَّا قول مَن يَقُول: إِنَّهَا نورٌ، وإنَّما هِيَ نار فِي اعتقادِ مُوسى فنَقُول له: ما لنا أن نَقُولَ إِلَّا ما قَالَ الله، والله تَعَالَى

<<  <   >  >>