للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

المسلمون في يوغسلافيا

محمد آل الشيخ

يشهد الحج كل عام ١٥٠٠ حاج تقريباً من يوغسلافيا. ترى ما هو حال

إخواننا هؤلاء؟ وكيف وصلهم الإسلام؟ وما مشاكلهم؟ هذا ما سنحاول أن نعرفه

في هذا المقال.

لقد قام الرئيس الهالك تيتو قبل أن يقعده المرض الذي أصاب رجله بحوالي

شهر بزيارة إلى جمهورية محلية هي البوسنة والهرسك، وألقى خطاباً هناك كان

أبرز ما فيه هجومه العنيف على النشاطات الهدمية لبعض الدوائر الدينية، ومع أنه

لم يسمّ هذه الدوائر إلا أن الجميع كان يعلم أنه يعني القيادات الإسلامية في البوسنة

والهرسك.

لم يكن هذا الرجل يجهل أن عدد المسلمين في يوغسلافيا يصل إلى ٣٣% من

مجموع السكان البالغين أكثر من ٢٣ مليون نسمة، وأن جمهورية البوسنة والهرسك

هي أهم معاقل المسلمين هناك، ولكن لم تكن هذه إلا حلقة في سلسلة معاناة

المسلمين اليوغسلاف الطويلة.

إحصائيات:

تتكون يوغسلافيا اليوم رسمياً من ست جمهوريات:

١- جمهورية صربيا

٢- جمهورية كرواتيا

٣- جمهورية البوسنة والهرسك

٤- جمهورية مقدونيا

٥- جمهورية الجبل الأسود

٦- جمهورية سلوفينيا

وبعض الأقاليم التي لم تحصل على استقلال وبقيت تحت حكم الصرب،

الذين فعلياً يتحكمون في الاتحاد اليوغسلافي كله وعلى رأسه الحكومة المركزية

والجيش الاتحادي.

ويتركز وجود المسلمين في البوسنة والهرسك، فهم يشكلون ٥٦% من

مجموع السكان البالغ خمسة ملايين ونصف، وفي جمهورية مقدونيا بنسبة ٢٤%

من مجموع السكان البالغ مليونين ونصف وجمهورية الجبل الأسود بنسبة ٢٣% من

مجموع السكان البالغ ٨٠٠ ألف، وإقليم كوسوفو بنسبة ٩٣% من مجموع السكان

البالغ مليونين و ٦٠٠ ألف، وأعداد قليلة متوزعون في باقي البلاد ولا تتجاوز

نسبهم ٢%-٣%.

وترجع أصولهم في الغالب إلى أحد ثلاثة أعراق هي: أصول سلافية وهم

سكان البلاد الأصليين ويسكنون غالباً في جمهورية البوسنة والهرسك، وأقليات

قليلة في باقي المناطق، وأصول تركية ويشكلون ٩٣% من مسلمي مقدونيا وهم في

يوغسلافيا كلها اليوم لا يتجاوزون ٤٠٠ ألف مسلم، وأصول ألبانية وهم حوالي

مليونان ونصف، ويتركزون في كوسوفو والجبل الأسود.

ويبلغ عدد المسلمين في يوغسلافيا كلها ما يزيد عن سبعة ملايين ويشكلون مع

الصرب أكبر (قوميتين) في يوغسلافيا اليوم.

دخول الإسلام إلى يوغسلافيا:

يرجع دخول الإسلام وتمكنه في البلاد إلى عاملين مهمين: الأول هو الفتح

العثماني عام ١٤٦٣ م حيث لم يكن فيها مسلمون قبل ذلك. والعامل الثاني هو

الترحيب الذي لقيه العثمانيون من شعب البوسنة فقد كانوا يعانون من اضطهاد

الكنيسة الكاثوليكية لهم بسبب اختلاف المذهب. فوجدوا في حكم الإسلام متنفساً

لعقائدهم، ثم وجدوا فيه بعد فترة عقيدة أكثر ملائمة لفطرتهم، فاعتنقوه عن رغبة

واقتناع، ثم تجاوز الأمر ذلك فأخذوا يدخلون في الإسلام بشكل جماعي.

ثم أصبحت البوسنة بعد ذلك ولاية عثمانية، فهاجر إليها مجموعة من

المسلمين الأتراك، وأولتها دولة الخلافة عناية خاصة في المنطقة، فساعد ذلك على

إنشاء المدارس والمساجد والمكتبات العامة. فعرفت البلاد لغات أخرى مثل التركية

والعربية إضافة إلى لغة القوم الأساسية وهي الصرب - الكرواتية، فساعد هذا كله

على ظهور حضارة وثقافة جديدة خاصة بالبلاد ميزتها عن جيرانها. حيث شهدت

تطوراً ثقافياً حقيقياً سبقت به غيرها من الشعوب المجاورة بفضل الإسلام، مع أن

أصل سكان البوسنة هم خليط من الصرب والكرواتيين إلا أنهم شهدوا بدخولهم

الإسلام ما لم يشهده جيرانهم.

ظهور قومية جديدة:

لم يعد خافياً على أحد هذا التطور المهم الذي حصل لشعب البوسنة، فكل من

زار المنطقة في تلك الفترة شهد بذلك، ولا يصعب عليه التعرف على العادات

والأخلاق الجديدة التي اكتسبوها من الإسلام، فكان لها أثر هام في نشوء رابطة

قوية بين أبناء الدين الجديد (الإسلام) متجاوزين بذلك أصولهم العرقية، وما لبثت

هذه الرابطة أن تمكنت منهم وأخذت بعداً ثالثاً هو الإقليم، فكانت بذرة لنشوء قومية

جديدة في المنطقة اسمها القومية الإسلامية، وهي ليست كما يفهمها المسلمون اليوم

رباطاً يربط المسلم بأخيه المسلم مهما كان عرقه أو لونه، وإنما هي قومية خاصة

تربط سكان تلك المنطقة المسلمين فيما بينهم ولا تتعداهم إلى غيرهم أو هي - كما

وصفها بعض الكتاب - أقرب إلى تفاعل كيماوي استمر ٥٠٠ سنة لشعوب متباينة. ولدت شعباً واحداً لا يمكن إعادته إلى أصوله القديمة، وظلت هذه الرابطة

الإسلامية طابعاً مميزاً لهم إلى اليوم.

بداية مرحلة المعاناة:

لقد تعرض، هؤلاء المسلمون لاضطهاد وتنكيل قل أن يتعرض له شعب آخر

خاصة في طول المدة التي طال فيها التنكيل.

لقد اضطهد الصربيون المعروفون بشدة تعصبهم الديني وقسوتهم مع خصومهم

أبناءهم وإخوانهم الذين أسلموا اضطهاداً شديداً، وكذلك فعل المقدونيون والكرواتيون

والمجريون.

ولكن هذا الاضطهاد أدى إلى نتيجة عكسية حيث ازداد تلاحم المسلمين فيما

بينهم وأدى ذلك إلى مفارقة أكثر لأقوامهم، وبكلمات أخرى أدى ذلك إلى تبلور

أوضح للرابطة الإسلامية.

وساعد على هذا الاضطهاد اضطهاد خارجي مارسته دولة النمسا-المجر (التي

قامت على اتحاد هاتين الدولتين والتي كانت من أقوى دول المنطقة في ذلك العصر) ، وكانت ولاية البوسنة خط الدفاع المتقدم للدولة العثمانية، التي كانت في صراع

مستمر مع دولة النمسا-المجر. فاضطروا إلى استقبال أعداد من الجيوش العثمانية، فدارت على أرضهم حروب كثيرة بين دول عظمى في ذلك الوقت.

الانفصال عن الدولة العثمانية:

استمر أمر هؤلاء البوسنيين على هويتهم الإسلامية، وغدا رجوعهم عنها

أمراً مستحيلاً، وظلت تحت حكم العثمانيين دهراً من الزمان.

ولكنهم سخطوا على الانحرافات السلبية في أواخر عهد الحكم العثماني سواء

على مستوى الدولة في المركز أو على مستوى الولايات والحكم في المقاطعات،

والفساد الذي انتشر، والظلم الذي عم جميع الرعايا والشعوب مسلمين وغير

مسلمين، وهذه سنة من سنن الله في الدول إذا كتب لها الزوال ظهر الظلم وقلّ

العدل وعميت البصائر فسخط الناس، فأدى ذلك إلى زوالها.

وبعض مفارقات هذه القومية المحلية أنهم لم يجدوا غضاضة في طلب

الانفصال عن دولة الخلافة، فكانوا مثل بقية دول البلقان التي عمها السخط على

الخلافة العثمانية فساعد ذلك على سرعة سقوط الخلافة.

وقد كان رد فعل الدولة العثمانية قوياً على هذه المحاولات فأرسلت لهم جيشاً

قوياً لقمع هذه المحاولات الانفصالية. ولكن حدثت حادثة أهم من تلك، ففي مطلع

هذا القرن حين أدت الصراعات الدولية في البلقان وتقاسم تركة الدولة العثمانية إلى

إعلان دولة النمسا-المجر ضم البوسنة الهرسك إليها فأصبحت تحت احتلال ألد

خصومهم من النصارى الذين ساموهم أشد أنواع العذاب، وسعوا لتدمير هويتهم

الدينية المتميزة في المنطقة، فحلوا جميع الجمعيات والمنظمات والأحزاب السياسية

والثقافية والدينية، وحظروا عليهم ممارسة أي نشاط وسلبوهم كل حقوقهم، فرد

المواطنون المسلمون على ذلك بمقاومة عسكرية ومدنية ضارية، وأنشأوا أحزاباً

ومنظمات سرية (وهو رد فعل طبيعي لأي شعب يقع عليه ظلم أو كبت) فنظموا

مجابهة قوية للاحتلال، وطلبوا الاستقلال عن النمسا والدولة العثمانية معاً، وهذا

الخلط بين الدولة العثمانية والنمسا جرّ عليهم ويلات كثيرة فيما بعد.

ولقد شاء الله في تلك الأثناء أن يزور ولي عهد النمسا مدينة سراييفو عاصمة

البوسنة فيقتل هناك فأرسلت النمسا جيشا لذلك، فطلبت البوسنة النجدة من روسيا،

فكانت هذه هي الشرارة التي كانت تنتظرها الدول الاستعمارية في ذلك الوقت

لتنشب الحرب العالمية الأولى.

البوسنة والهرسك تحت حكم الصرب:

لقد أفرزت هذه الصراعات الدولية ظهور دول في البلقان مثل ألبانيا وبلغاريا

واليونان وصربيا ورومانيا والجبل الأسود. ولكن الحال كان مختلفاً بالنسبة

للبوسنيين، حيث رأت الدول المنتصرة في الحرب مكافأة الصرب على تضحياتهم

في حروبهم ضد العثمانيين بأن تضم لها بعض المناطق وعلى رأسها البوسنة

والهرسك. (وليس خافياً على أحد ما تخفيه هذه الخطوة من أحقاد صليبية دفينة)

فشهد المسلمون أصعب فترات تاريخهم (١٩١٨ م - ١٩٤١ م) فالصرب مصرون

على أن البوسنة والهرسك من أراضيهم وأن شعبها جزء من أمة الصرب، لذلك

وضع الصرب سياسة قمعية تقوم على:

١- إلغاء أي كيان مستقل اسمه البوسنة، وتقسيم أراضيها بين صربيا

وكرواتيا.

٢- رفض وجود شعب بوسني متميز، وقسم السكان حسب السلالات

والأعراق السابقة عن إسلامهم.

٣- سلب جميع أملاك المسلمين البوسنيين حتى الأوقاف وتحويلهم جميعا إلى

أقنان وعبيد عند الإقطاعيين والملاك الصرب والكرواتيين.

٤- بدأ محاولات بالقوة لإرجاعهم إلى المسيحية.

٥- أُغلقت جميع المدارس والمؤسسات التي تعلم باللغة العربية أو التركية أو

تعلم الدين الإسلامي.

٦- تدمير جمع الرموز التاريخية التي تظهر الطابع الإسلامي للمنطقة

وسكانها، وإحراق الكتب وسلب المنازل وتدمير محتوياتها.

وطبقت هذه السياسات بأقسى صورها على المسلمين فاضطر كثير من

المسلمين إلى التظاهر بترك دينهم. وظلت المنطقة بين عامي ١٨٩٢ م - ١٩٤١ م

معزولة عن العالم تعاني كل أنواع الاضطهاد والتنكيل دون أن يعلم بها أحد، بل إن

تاريخها في تلك الفترة ظل مجهولاً، وكأنها ليست من العالم، أو أن أهلها ليسوا من

البشر.

ثم زاد الأمر قسوة - فيما بعد - وجود حكم علماني في تركيا بقيادة مصطفى

كمال الذي تنكر لكل الأقليات الإسلامية التي كانت دولة الخلافة ترعاها في الماضي، فقد كان معادياً لكل ما يمتّ للخلافة العثمانية بصلة فتُرِك المسلمون في البوسنة

لوحشية الصرب وحدهم.

المسلمون تحت حكم الشيوعيين:

خلال الحرب العالمية الثانية ونشوب الحرب الأهلية بين الصرب والكروات

اشترك هؤلاء في محاولة لتصفية مسلمي البوسنة، على حد زعمهم، فارتكبت

مذابح جماعية ضدهم، ونهبت أراضيهم وقسمت على غيرهم، وقد قتل في هذه

الحرب من الجميع مليونا شخص خلال ثلاث سنوات. عند ذلك برزت (جبهة

الأنصار) الشيوعية تنادي بوحدة يوغسلافيا، وإعادة بنائها على أساس المساواة بين

جميع الشعوب الناطقة باللغة الصربية والكرواتية، فبادر المسلمون إلى تأييد ذلك،

ومما يجهله كثير من الناس أن المسلمين كانوا في مقدمة الثوار الذين قاتلوا في سبيل

استقلال يوغسلافيا وتحريرها من الحكم النازي.

ومع ذلك تنكر الشيوعيون لمسلمي البوسنة حين وصلوا للسلطة، وشكلوا

حكومة فدرالية في البلاد ومنعوا قيام كيان مستقل للمسلمين في يوغسلافيا الجديدة،

بل إن الأمر كان أخطر من ذلك فقد استمر اضطهادهم على أيدي الصرب أيضاً

(الذين استولوا على الحكومة المركزية) ، فخيرهم تيتو الهالك بين أن يكونوا صرباً

أو كرواتا، وإذا رفضوا ذلك عاشوا مشتتين في البلاد! وهكذا قامت خمس

جمهوريات ومنعت السادسة، ومنع المسلمون الذين كانوا ربع السكان في ذلك

الوقت من الوصول إلى مناصب عليا في الدولة أو أي منصب حساس داخل البوسنة

نفسها.

ومع أن الحكم كان شيوعياً إلا أنه سمح للأعراق والمذاهب والأقليات بتنمية

خصائصها وإبراز تقاليدها الاجتماعية والروحية باستثناء المسلمين كما وعد تيتو،

ثم صدرت قوانين لحماية حقوق اليهود والمسيحيين، وصدرت قوانين أخرى

تصادر وتمنع حقوق المسلمين. وهكذا اضطر كثير من المسلمين إلى التظاهر بعدم

الإسلام للنجاة من كثير من الاضطهادات.

ومُورست سياسة الإهمال لكثير من مناطق المسلمين مثل البوسنة والهرسك

وكوسوفو بل ومناطق سكن المسلمين أنفسهم داخل صربيا وكرواتيا وتدل إحصائيات

الحكومة نفسها أن مناطق المسلمين أفقر المناطق في يوغسلافيا وأقلها دخلاً وأعلاها

بطالة. في حين أن صربيا وكرواتيا لا تقل عن مستوى بعض الدول الأوربية

الغربية بينما نجد مناطق البوسنة وكوسوفو في مستوى بعض دول أفريقيا أو ولايات

الهند.

الاعتراف بالبوسنة والهرسك:

قاوم البوسنيون بطبيعة الحال هذه السياسة بتصميم على انتزاع حقوقهم، من

داخل المؤسسات اليوغسلافية وبطريقة إيجابية، حتى باتت تهدد بانفجار الصيغة

التي وضعها تيتو للدولة، فاضطر للاستجابة لحقوقهم، ففي عام ١٩٦٨ م فرضت

مطالبهم نفسها على المجتمع والدولة.

وفي يناير عام ١٩٧٤ م صدر دستور ينص على قيام جمهورية البوسنة

والهرسك كجزء من دولة يوغسلافيا فانزاح بذلك هم كبير عن كثير من المسلمين،

وأظهر كثير من المستخفين إسلامهم، وأدلّ شيء على ذلك أن نسبة المسلمين في

البوسنة كنت ٢٥% عام ١٩٦١ م وبعد أن خفّ اضطهادهم عام ١٩٧١ م أصبح

٣٩% ثم في عام ١٩٨٨ م أصبحت ٥٦%، وما زال كثير منهم يتخفى بدينه خوفاً

على وظيفته أو طمعاً في منصب يطمح إليه. غير أن الصرب والكرواتيين لم

يكونوا مسلّمين ولا راضين بهذا التطور وكانوا يتربصون للاستيلاء عليها وتقسيمها

من جديد.

حرب أهلية جديدة:

في صيف العام الماضي ١٩٩١ م أعلن الكرواتيون الانفصال عن الحكومة

الفدرالية التي كان يسيطر عليها الصرب فعلياً، فثارت الأقلية الصربية داخل

كرواتيا والتي يبلغ عددها ٦٠٠ ألف نسمة وطلبت تدخل الجيش الاتحادي، فكانت

بداية لحرب أهلية جديدة، ثم تبعتها جمهوريات أخرى فسحب الجيش الاتحادي

قواته منها إلى سراييفو، وفي نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي أعلنت البوسنة

والهرسك الاستقلال، وكما هو متوقع ثارت الأقلية الصربية والتي يبلغ عددها

حوالي مليون شخص وطالبت في شهر يناير من هذا العام بالبقاء ضمن الاتحاد الذي

لم يعد يضمّ إلا صربيا والجبل الأسود وبعض الأقاليم مثل أقليم كوسوفو وغيره، ثم

في خطوة جريئة طالب المسلمون في كوسوفو وهم الأكثرية ويحكمها الصرب

والمسلمون في الجبل الأسود وفي مقدونيا طالبوا جميعاً بالاستقلال لتشكيل حكومة

جديدة مستقلة والملفت أنهم لم يطلبوا الانضمام إلى المسلمين في البوسنة والهرسك

وهذا من أهم تأثيرات اعتبار الإسلام قومية محلية عند هؤلاء المسلمين، وستحظى

هذه الخطوة بردة فعل قاسية من بعض دول المنطقة فهم بالتعاون مع ألبانيا سيكون

لهم وجود قوي في المنطقة، وكذلك ستظهر إلى السطح مشاكل حدودية قديمة، وقد

حظيت كرواتيا وسلفينيا بترحيب واعتراف من أوربا والفاتيكان، أما المسلمون فمن

المتوقع أن يواجهوا صعوبات أكثر مما واجهها الكروات بحكم تمركز الجيش

الاتحادي على أراضيها، ووجود جالية صربية كبيرة ممتزجة مع السكان،

ووقوعها في البلقان وهو مركز مهم للتعصب الكنسي منذ القدم.

واجباتنا تجاه إخواننا هناك:

إن مشكلة بهذا الحجم والتعقيد، وفي مواجهة خصم بمثل هذه القسوة والهمجية

تّحتّم وجود حل قوي تتبناه الدول الإسلامية الغيورة على أحوال المسلمين، وذلك

لتأمين وضع يحفظ للمسلمين حقوقهم ويحافظ على بقائهم في تلك المنطقة الملتهبة

من البلقان، وليكن في تخاذل تركيا العلمانية درس لنا اليوم فلا يُتركوا كما تركوا

بالأمس، وهذه الأمانة تحتاج إلى رجال إن كان في القوم رجال.

على أن هذا لا يعفي المؤسسات الإسلامية مثل الجامعات والمراكز الإسلامية، وغيرها من مسؤولياتها تجاههم، فيجب أن يتولوا القضية الإسلامية في يوغسلافيا

بقوة، وأفضل ما يقدمونه لهم هو بث الوعي الإسلامي بينهم، وتعميق الشعور

بالوحدة الإسلامية مهما كانت الأصول، فهو أكثر ما يحتاجونه اليوم، وتُخصص

لهم منح في الجامعات في العالم الإسلامي، وتعقد عندهم الندوات العلمية، ويساعد

على نشر الكتاب الإسلامي بينهم بلغتهم ويُيسر لهم بعثات للحج والعمرة ويُعطون

أولوية في الدورات العلمية المتنقلة.

وللأفراد المسلمين دور يقومون به نابع من الاهتمام بأمور المسلمين. نذكر

منه: متابعة أحوالهم وتطور قضيتهم خاصة هذه الأيام، والسؤال عنهم ومعرفة

حاجاتهم، وبث الوعي الإسلامي بينهم وتبني قضيتهم في كل صعيد والدفاع عنها

والدعاء لهم.

إن تكاتف جهود المسلمين لحل مشاكلهم هو النموذج الأمثل لإعادة مجد الإسلام

ورفع الظلم عن المسلمين في باقي الأماكن، وخطوة مهمة في الطريق الصحيح

الذي بدت معالمه تلوح في كل مكان.