للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حركة الجهاد

نبع أصيل وركن ركين ولكن! !

عبد الله صالح علي

المتتبع للساحة الإرترية يرى العجب العجاب، وتتملكه الدهشة وذلك لما

يشاهد فيها من المتناقضات والجمع بين المستحيلات فيمن يمسك بزمام الأمور في

الثورة الإرترية منذ أن تمحورت وصيغت بالصيغة السياسية، وتحولت عن

صورتها المبسطة التي كانت تتمثل في: شعب سلب حقه الغاصبون، وقام

لاسترجاعه بكل ما يملك من سعة ومقدرة. وبعد أن تم تسييس الثورة، وتسربت

إليها أيد خارجية اختلط الحابل بالنابل، وزاد الخرق على الواقع إلى أن وصل

الأمر في تحكم زمرة من أبناء النصارى الحاقدين وقليل من أبناء المسلمين

المخدوعين بشعارات جوفاء إلى سدة الحكم.

وعندها جاءت قاصمة الظهر بالنسبة للشعب الإرتري المسلم الذي غلب على

أمره وذلك أنه كلما لاح له برقٌ حسبه ضوءاً وهرول نحوه مسرعاً ثم يجد آماله

تذهب أدراج الرياح إلى أن نبع النبع الأصيل والركن الركين بعد الله تعالى في

إرتريا متمثلاً في حركة الجهاد الإسلامي لتعبر عن رغبات الشعب الإرتري الأصيلة

ولتكسر الحاجز بين الشعب المسلم في إرتريا. ومن خلال المتابعة ورصد الأحداث

لا بد من التذكير بأمور تتعلق:

أولاً: بالشعب الإرتري المسلم نفسه.

ثانياً: بحركة الجهاد الإسلامي الإرتري.

فيما يتعلق بالشعب الإرتري المسلم ينبغي عليه أن يدرك كيف تسير الأحداث

وإلي أين تسير؟ وأخص من الشعب المتعلمين والمثقفين الإرتريين، أن يخلعوا

عنهم لباس اللامبالاة ويضطلعوا بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم مهما كانت

التضحيات جسيمة وكبيرة والذي يدعو إلى ذلك عده أمور منها:

١- إن الصراع الإرتري يختلف عن غيره من الصراعات في عالمنا

الإسلامي، فهو صراع حضاري قيمي، وليس صراع أرض فقط وتقف خلفه كل

قوى التبشير والتنصير العالمية وذلك لأهمية المنطقة وحساسيتها.

٢- إن الذي أعطى القضية الإرترية كل هذا البعد السياسي هم المسلمون

فكيف بهم اليوم لا يعبأ بهم ولا يلتفت إليهم؟ !

٣- إن سياسة (فرق تسد) التي تتبعها (الشعبية) في إرتريا وسحب البساط

من تحت أقدام بقية التنظيمات الإرترية أمر غريب ويدعو إلى التساؤل والاستفسار.

٤- لا مبرر لتهميش دور أبناء المسلمين الموجودين داخل الشعبية وليس له

أي تفسير آخر غير أن الشعبية تريد من أبناء المسلمين أن يكونوا مستخدمين عندها

لتتخذهم أداة لتضرب بهم إخوانهم من أبناء المسلمين المعارضين للجبهة الشعبية

مهما كانت توجهاتهم، وإلا فلماذا لا يوضع أبناء المسلمين في الأماكن الحيوية

والحساسة من التنظيم (مثل الاقتصاد، الإعلام..) ؟ ! وحتى الذي يوجد ضمن

بعض المكاتب المتخصصة ما هو إلا دمية يحركها أحد أبناء النصارى سواء كان

نائباً أم مسؤولاً عنه.

٥- ما هو الدافع الحقيقي من وضع برنامج التعليم للشعبية على أساس

اللهجات الإرترية وإبعاد اللغة الرسمية للمسلمين من شؤون الحياة الرسمية والتعليم،

فالنصارى في إرتريا لهجتهم واحدة وكون الشعبية تضع برنامجها التعليمي بهذه

الصورة يعني أنهم متحدون ولكن إذا نظرنا للمسلمين في إرتريا نجدهم يتحدثون

بلغات كثيرة ومتفرقة فما الذي يجمع بينهم إذا فرقت اللغة واتخذ كل لهجة خاصة

به؟ ! النتيجة معروفة وهي تمزيق المسلمين وتشتيت وحدتهم وبث النعرات القبلية بينهم ومما هو معلوم بأن اللغة تتأثر بالنظام السائد في أي بلد فالذين يحكمون شؤون الدولة هم الذين يفرضون لغتهم وثقافتهم على المحكومين.

٦- لهذا يجب على الإرتريين أن يكونوا يداً واحدة لتفويت الفرصة على

المتربصين بالمسلمين الدوائر في إرتريا، ويتحملوا وعورة الطريق ويقفوا خلف

حركة الجهاد ويكونوا لها الساعد الأيمن لأنها أمل المسلمين الوحيد - بعد الله - في

إرتريا حتى لا نقول: أكلت يوم أكل الثور الأبيض أو الأسود، ولات ساعة ندم.

أما فيما يتعلق بالحركة فالأمور كثيرة جداً ويمكن إيجازها بما يلي:

١- أن تتمسك بالمبادئ والمنهج الذي رفعته منذ أول وهله والذي من أجله

استشهد الشهداء وأن لا تحيد عنه قيد أنملة وذلك بالأفعال لا بالأقوال.

٢- أن تعلم تماماً بأن النصر على الأعداء والتمكين في الأرض ليس من

مهماتها هي، فالإعداد شرط والتمكين وعد من الله تعالى، فقد يحاول العاملون في

الدعوة الإسلامية تعجل قطف الثمار فيرتكبوا بعض الأخطاء على حساب المنهج

وعنده يتخلف النصر.

٣- نريد من الحركة أن تكون مثلاً للثبات أمام كل الأعاصير والرياح

والتقلبات السياسية.

٤- علَّموا العالم أجمع بأن المبادئ لا تشترى ولا تباع ولا يساوم عليها مهما

ادلهم الخطب.

٥- في الشعب الإرتري من يراقب الحركة مراقباً متصيداً للأخطاء وكذلك

فيهم من يريد التأكد من صدق التوجه والنوايا والأخير هو الغالب فينبغي أن يحسب

لهذا حسابه.

٦- أن يدركوا جيداً بأن هناك فرقاً بين المطلوب الشرعي والمقدور الشرعي، فليس كل مطلوب هو مقدر شرعاً وعليهم فقط الاستمساك بالتي هي أقوم مهما

طال الدرب.

٧- أن لا تستهويهم عاطفة الجماهير العامة فيصنعوا قراراتهم وفق حماسهم

فقد قيل: (قلوب العامة مع الحق وسيوفهم مع الباطل) .

٨- أن يأخذوا بالعزائم في كل أمورهم فهم يعيشون في زمن كله أخذ

بالرخص وأي حركة تغييرية تجديدية تأخذ بالرخص مصيرها الفشل في النهاية.

٩- إن الساحة الإسلامية مليئة بالأحداث والمشاهد المتكررة فينبغي أن يستفاد

منها فائدة تامة.

١٠- السعي نحو تجييش الأمة على كافة الأصعدة والميادين، وعدم الاقتصار

على ميدان دون آخر. وأخيراً فإن المسؤولية عظيمة وجسيمة، وما على العاملين

في الحقل الإسلامي إلا السير على درب النبوة، فمن الأنبياء من يأتي يوم القيامة

وليس معه أحد ولا يعني ذلك فشل هذا النبي، حاشا لله. فلذلك ينبغي السير وأن لا

يتعجل العاملون النصر قبل استكمال شروطه، وإن المسؤولية تقع بالدرجة الثانية

بعد الإرتريين على عاتق المسلمين، على العالم الإسلامي أجمع؛ فعليهم القيام

بالواجب الشرعي تجاه إخوانهم في إرتريا بالنصح والتوجيه والإرشاد والدعم وعدم

الخذلان عملاً بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم أخو المسلم، لا

يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره..) [رواه مسلم] ، والله الموفق.