للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القراءة الناقدة]

فيصل الذواد

لو تأملت ظروف تطور الفتن، قديمها وحديثها، فسوف تلاحظ أن عامة

الناس، بادي الرأي، الذين يجرون وراء كل ناعق، هم وقودها وسبب انتشارها،

لذا فإنهم في زمن الأمن قنبلة موقوتة، سهلة الاستعمال، قليلة التكاليف لأعداء هذا

الدين، ما لم تحصن عقولهم، وترم آراؤهم، ويقطع دابر الفوضى المستشرية في

أفكارهم وعقائدهم.

والمطبوعات بأنواعها من كتب، ودوريات وصحف ونشرات مختلفة

المشارب، والأهواء، تُضخُّ في عصرنا هذا بكميات هائلة، تجعل من الصعب

استيعابها، فما بالك بغربلتها، وإبراز ما فيها من عيب وخلل.

والناس يتعاملون مع هذه المطبوعات، على ضروب كثيرة، أبرزها ثلاثة،

نخص الأخير منها بهذه المقالة، أما الأول: فهو المتلقي الواعي، الذي يغربل ما

يقرأ، ثم يتأنى في قبول أو رد رأي يعرض عليه، فيعرف الغث من السمين،

ويراعي قبل ذلك، حال صاحبه أهو ثقة، أم مجهول لا يعرف منبته، وهذا

الضرب لا يخاف منه ولا عليه.

والثاني: هو الذي لا يقبل أي رأي، ولا يقتني أي مطبوع، إلا باستشارة من

يثق، وهذا أمره أهون، والخوف منه وعليه أقل.

أما الأخير فهو المستهدف، وإليه توجه السهام، فهو الذي يقبل ما هبَّ ودبَّ، ليس له رأي معين، وليس عنده مسلمات، ولا يعرف الثوابت، فهو طوعُ لكل

فصيح، فهذا مصدر الداء وأُس البلاء، وعَوْنُ الأعداء.

وكما الطحين بحاجة إلى غربال، يزيل عنه قشوره وشوائبه، فما يُقرأ أيضاً

بحاجة إلى عين ناقدة، تستخلص ذهبه من نحاسه، تلك القراءة الواعية المستنيرة

بنور الإيمان، وضياء القرآن وعدل الإسلام..