للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماذا يجري في تونس؟

أظهرت كبار الصحف والمجلات الصادرة باللغة العربية الشماتة بما يجري

للمسلمين في تونس فتكلمت عن (الصيف الحار) للمسلمين في بلدان من شمالي

أفريقيا، وكانت العناوين البارزة (٢٧٩ أصولياً في قفص الاتهام) ، (التزام

بمصالحة شبه مستحيلة بين الأصولية والديمقراطية) ، (الأصولية والسياسة من

خلال نموذج النهضة في تونس) .

وهؤلاء الشامتون من العلمانيين أو الحاقدين على الإسلام يظنون أن الساحة

ستخلو لهم إذا أبعد المسلمون أو وضعوا في السجون.

ولكنهم لا يفقهون أن هذه المحاكم الصورية الظالمة إن هي إلا ابتلاءات

وتمحيص، وأنهم لا يستطيعون الفكاك من الشعوب التي تريد الرجوع إلى هويتها

وعقيدتها وأن الإسلام قادم بإذن الله.

وهنا نريد أن نوجه سؤالاً للعقلاء من هذه الأمة: ما هي المصلحة من ضرب

الدعوة الإسلامية في تونس وغيرها من الأقطار، إنه بالتأكيد ليس هناك مصلحة إلا

مصلحة واحدة لا غير وهي أن ما يجري هو لحساب الغرب الأوربي، وحتى

يرضى السادة عن العبيد، هذه هي خلاصة القصة منذ أربعين سنة وحتى الآن،

والدليل على ذلك أن زعماء النهضة صرحوا في المحاكمات التي تجري هذه الأيام

أنهم لم يأمروا بقتل أحد، ولم يصرحوا بذلك ولا أسروا، وإنما هي أعمال فردية

كما ذكرت ذلك قيادة النهضة وأنهم قدموا إلى وزارة الداخلية أربع طلبات متوالية

للحصول على ترخيص للعمل كحزب علني، ويقولون: (اتفقنا على رفض العمل

السري، وهذا اقتناع فكري عندي..) .

وعندما سأل القاضي أحد المتهمين عن الأسلحة قال: (عليك أن تسأل من

صودرت عندهم إذا اعترف أحد مهم بأن المكتب السياسي أعطاه أي توجيهات فنحن

مدانون) . وأشار عنصر قيادي إلى هذا عندما نفى (وجود خطة انقلابية وأن الحركة التزمت في الفترة الأخيرة طريقة المراوحة بين الضغط السياسي والحوار مع الحكم) . وقال عن أعمال العنف: إنها من الشباب ومبادرات فردية فقد أعطت الحركة هامشاً واسعاً لفروعها في التحرك وتتخذ المبادرات من نفسها، فوقعت أخطاء ونظن أن ما صرح به هؤلاء القادة ينسجم مع توجهات حركة النهضة فلماذا إذن يوضع الآلاف في السجون ويحاكم (٣٠٠) من قادة الحركة، ويتعرض بعضهم (علي العريض) لتعذيب من النوع المعروف في البلاد العربية الأخرى فذكرت صحيفة الحياة أن المتهم وضع في زنزانة انفرادية وضعوا فيها كاميرا للتصوير ودسوا له المواد المخدرة حتى يدمن على المخدرات ولما تفطن للأمر أضرب عن الطعام لمدة (١٥) يوماً وافتعلوا شريط فيديو يدعي أنه يمارس الفاحشة، هذه خبرات رجال الدولة الأشاوس وهذه أوضاع البلاد التي ابتليت بأمثال هؤلاء الذي يدمر أحدهم وطنه في سبيل أن يرضى الغرب عنه.

إن ما يجري في تونس ليس غريباً، ولكنه مؤلم: فإلى متى يقتل أو يوضع

في السجون خيار هذه الشعوب، وإلى متى تستلب هوية الأمة، ونعيش حياة ممزقة

محزنة ليس فيها إلا الذل والهوان؟ !