للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقال

بطرس غالي.. تاريخ وحقائق

أحمد عبد العزيز أبو عامر

تمهيد:

ينتسب د. بطرس غالي إلى الكنيسة القبطية التي يترأسها اليوم شنودة الثالث، ولقد استطاعت هذه الكنيسة في الأربعينات جذب جماهير المثقفين الأقباط حولها

واستطاعت أن تحقق نوعاً من الإحياء لدورها. وفي نهاية الخمسينات وبداية

الستينات استطاع النظام الناصري آنذاك ومن خلال مشروعه (القومي) جذب العديد

من أبناء الكنيسة القبطية لينخرطوا في صفه ولما كانت تلك الفئات المثقفة تنتمي

أصلا في بداية تعليمها غالباً إلى مدارس (الأحد) الكنسية حصل في هذا الجيل

اتجاهان:

الأول: من بقي مرتبطاً بالكنيسة أكثر من الدولة والحياة العامة (كشنودة

الثالث) .

الثاني: من ابتعد عن الكنيسة وارتبط بالدولة ومنهم الصفوة القبطية السياسية

والتكنوقراطية مثل (د. ميلاد حنا) .

وهناك اتجاه ثالث يحاول الربط بين الكنيسة والدولة في إطار فكري واحد مثل

(وليم سليمان قلادة) .

ودراسة المسيحية السياسية في مصر تعتمد على عدد محدود من الكتابات يُرى

فيها آراء متفرقة أكثر مما نجد رؤية فكرية متكاملة وشاملة ومن هذه الدراسات

القليلة كتابات الكاتب القبطي المعروف (د. رفيق حبيب في بعض كتبه ودراساته

المنشورة) [١] وله جهود جيدة في كشف حقيقة الكنيسة ورموزها و (شنودة) غير

راض عنه ولا عن والده. وأرجو أن أتناوله وفكره وموقف الكنيسة منه في دراسة

قادمة بإذن الله.

والذي يجب أن لا يغيب عن البال هو أن للكنيسة القبطية تنظيماً ونشاطاً

كبيراً في الداخل والخارج، ولها جهود كبيرة في كافة الأصعدة، وتشجع الدراسات

التي تبشر بدينهم، وتنقد الإسلام، بخاصة تظهر الغبن المزعوم لطائفتهم. وباباهم

الحالي يظهر عند المقابلة معه دبلوماسية وذكاءً كبيراً وتبرؤاً من كل جهد لهم أو

لمنتسبيهم بكل ما يعكر صفو الأمن أو يثير النزعات الطائفية. ولا يعرف له موقف

إيجابي ضد الكتب التي تهاجم الإسلام زوراً وبهتاناً مثل: (رسالة المجلس الملي

القبطي بالإسكندرية) والتي نقدها وكشف عوارها د. عبد الجليل عيسى، وكذلك

(الجريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة) لإيسذوروس وكتاب: (بيان الحق لياسين

منصور) والذي نقده وفضح مفترياته الأستاذ توفيق علي وهبة. في كتابه:

(افتراءات المفترين) وكتاب: (تاريخ الكنيسة القبطية) لمنسي يوحنا، وهو كتاب

يحوي تعصباً أعمى قال عنه مبشر، نصراني لبناني معروف هو (لويس شيخو

اليسوعي) بعدما ذكر أخطاءه في كثير من الوقائع والحقائق: إن مؤلف الكتاب كان

مدفوعاً في كتابه بعامل التعصب القومي.

ويعلم الجميع أن الصحوة الدينية الشاملة في السنين الأخيرة أيضاً شملت

النصارى، ولذا تم اجتماع مؤخراً في (استانبول) هو الأول من نوعه منذ قرابة

الألف سنة بين كبار أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوربا

للتصالح بينهم وبين بقية الطوائف المسيحية الأخرى وعلى رأسها كنيسة روما

الكاثوليكية، بعد انقطاع دام حوالي ٩٣٨ سنة، وقد عبر الجميع عن تصميمهم على

إعطاء دور أكبر للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والتي عانت حسب زعمهم الكثير من

الاضطهاد على أيدي المسلمين مثلما عانت من نير الشيوعية..

هذه التداعيات المسيحية في النهضة الجديدة للكنيسة الأرثوذكسية ومشاركاتها

في كثير من الأنشطة الاجتماعية وصدور كثير من الكتب والنشرات والصحف

والمجلات في الداخل والخارج [٢] . كل ذلك لا شك له أثره ودوره في تنمية

الوعي لدى أفرادها وبالتالي إثارة الحمية الدينية في نفوسهم مما ينعكس بالتالي على

شعور كل فرد منهم مهما كان توجهه علمانياً مثل د. بطرس بطرس غالي.

نبذة عن حياة بطرس غالي:

هو ابن لإحدى الأسر القبطية المشهورة والتي كان لها دورها في الحياة

السياسية المصرية واشتهرت بعميدها (بطرس غالي باشا (١٨٤٧ - ١٩١٠) والذي

تولى رئاسة الوزارة في مصر في نوفمبر ١٩٠٨ وحتى ١٩١٠ وقد اغتاله أحد

الشباب الوطنيين المصريين وهو (إبراهيم ناصف الورداني) والذي ثأر لبلده من

ميول المذكور للمستعمر الإنجليزي وعمله لمدّ امتياز القناة للإنجليز، وقد فشل

المشروع بعد اغتيال صاحبه. ووالد المقتول هو (غالي ناروز بك) كان من كبار

أقباط بني سويف ومن كبار أثرياء مصر في عصره، إذ كان أحد موظفي الدائرة

الخاصة للخديوي إسماعيل، مما أتاح لابنه (بطرس) أن يقضي جانباً من سنوات

تعليمه في المدرسة التي أنشأها (مصطفى فاضل) شقيق الخديوي لتعليم أبنائه ومنهم

بطرس الحالي حفيد بطرس غالي ناروز والذي ولد سنة ١٩٢٢م في أحد قصور

حي (الفجالة) بالقاهرة.. وقد دخل كلية الحقوق وتخرج منها عام ١٩٤٦م وحصل

على الدكتوراه من جامعة باريس عام ١٩٤٩م ثم عاد إلى القاهرة للعمل أستاذاً

للقانون الدولي ثم رئيساً لقسم القانون الدولي بعد ذلك. ثم شارك في تأسيس كلية

الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة عام ١٩٦٢م وأصبح فيما بعد رئيساً

لقسم العلوم السياسية بهذه الكلية منذ إنشائها. وفي عام ١٩٧٧م تولى وزارة الدولة

للشؤون الخارجية. ومن أبرز أعماله في هذه الفترة مشاركته في الوفد الذي صاحب

أنور السادات في عقد الصلح مع العدو الصهيوني، إذ كان مسؤول الجانب السياسي

في مباحثات (كامب ديفيد) للسلام من سبتمبر ١٩٧٨م إلى مارس ١٩٧٩م (ومعلوم

أن زوجته يهودية) وبقي في هذا المنصب حتى أصبح نائباً لرئيس الوزراء

المصري في أوائل ١٩٩١م، ثم تم اختياره أخيراً أميناً عاماً لهيئة الأمم المتحدة.

ولا يغيب عن البال ترأسه لتحرير مجلة (السياسة الدولية) بدءاً من يوليو ١٩٦٥

وحتى ١٩٩١م والتي تعتبر مرجعاً هاماً في العلوم السياسية دراسة وتحليلاً ومتابعة

من منظور علماني.

وكتب الكثير من الدراسات السياسية والقانونية في مجال تخصصه، ومن

أشهر مؤلفاته: (الحكومة العالمية) والذي صدر للمرة الأولى عام ١٩٥٧م، وأعيد

طبعه مؤخراً هذه السنة ١٩٩٢ م، والكتاب يدور حول فكرة (الحكومة العالمية) أو

إقامة تنظيم دولي لحفظ السلام والأمن في العالم. حيث قام بدراسة الموضوع من

الناحية النظرية في كتابات عدد من المفكرين في المدرسة الأوربية، والمدرسة

الأنجلوسكسونية، والمدرسة الإسلامية، وخلال هذه المتابعة التاريخية يرصد نمو

الوعي بضرورة وجود تنظيم دولي وبضرورة وجود نظام لتسوية الصراعات

والنزاعات بالطرق السلمية لأن الحرب كما نقل: (انتحار جماعي وضرب من

ضروب الجنون) . ثم ينتقل إلى دراسة لبعض التجارب السابقة في إقامة التنظيمات

الدولية بدءاً بالمؤتمر الدولي عام ١٨١٤م وانتهاءاً بهيئة الأمم المتحدة.

هذا التوجه الجميل في البحث عن حكومة عالمية تحكم العالم وتكفل السلام،

وتوفر الطمأنينة ماذا عمل (بطرس غالي) لتنفيذها حينما آلت إليه مقاليد هيئة الأمم؟ مما يؤسف له أن ذلك الكلام تبخر وصار أثراً بعد عين وظهرت ميول عجيبة

وغريبة لا يمكن بحال من الأحوال تفسيرها بغير (الميول الصليبية الكامنة في لا

شعوره) في مواقفه اللامبالية من مأساة (دولة البوسنة والهرسك) وعدوان الصرب

الهمجي عليهم والذي لم يعد يجهله أحد، وشكَّل أعنف عدوان إجرامي في العصور

الحديثة. لا سيما إذا عرفنا أن الرجل (أرثوذكسي) العقيدة، وإخوانه الصرب على

نفس المذهب، والموقف البارد الذي يعالج به هذه القضية كما سنرى لا يمكن

تفسيره بغير ما في ذكرته، فهو رجل سياسي عرف السياسة نظرياً وتطبيقياً. وله

أفكاره حيال معالجة الصراعات والأوضاع العالمية السابقة لكنه حيال هذه المأساة

عطلها وأعطى المعتدين الصرب الفرصة لاستئصال المسلمين هناك في وضح

النهار.

فمنذ بدأت جمهورية البوسنة والهرسك بالانفصال وإعلان استقلالها كان له

موقف سلبي حيالها لا سيما حينما بدأ الصرب الصليبيون مواقفهم العدوانية من تلك

الدولة الجديدة التي يرونها جزءاً لا يتجزأ من (صربيا الكبرى) وحصل من الفجائع

والمآسي للمسلمين هناك ما نقلته وكالات الأنباء، وأثار دهشة كل الناس للطرق

العدوانية التي يتعاملون بها. ومواقف (الأمين العام الجديد) تمثلت فيما يلي.

١ - استبعد أول الأمر إرسال قوات دولية لحفظ السلام في البوسنة والهرسك

حتى قبل أن يُقدَّم اقتراح بهذا الشأن، وبادر بإصدار تقرير متسرع مباشرة بعد

فرض العقوبات الدولية على (دولة صربيا) لإراقتها الدماء البريئة في البوسنة

والهرسك.

٢- رفض بطرس غالي اتفاق لندن بشأن وضع الأسلحة الثقيلة بين الأطراف

المتناحرة تحت إشراف الأمم المتحدة مع العلم أن الأسلحة الثقيلة بيد الصرب،

والمسلمون ليس بأيديهم سوى أسلحة خفيفة مما أثار مشكلة مع (اللورد كارنجتون)

وسيط هيئة الأمم المتحدة الذي أشرف على إبرام الاتفاق حينما زعم بطرس أن

وقف إطلاق النار جرى التفاوض بشأنه بصورة متعجلة للغاية، وأنه يقضي بنشر

عدد من مراقبي هيئة الأمم المتحدة يزيد عما كان مخططاً له في الأصل، وقد

رفض (كارنجتون) الانتقادات البطرسية وقال: إن وقف إطلاق النار قد صدر عن

الأطراف المتحاربة نفسها وأنه فقط قام بنقل الاقتراح فيما بين الأطراف، وقال:

سيكون من الأفضل ممارسة ضغط أكبر على المتحاربين، إلى أن قال: إنه لا

يعتقد أنه بوسع المرء أن ينبذ بصورة كاملة وقف إطلاق النار الراهن.

٣- معارضته في إرسال المزيد من القوات الدولية إلى البوسنة والهرسك

الأمر الذي أخر اتخاذ مجلس الأمن قراراً بشأن خطة المجموعة الأوربية التي

تقضي بنزع سلاح الأطراف المتحاربة. لكن بطرس اقترح أن تساهم منظمات

إقليمية أوربية في تمويل المهمة وتوفير المعدات والأفراد. بل ربما تتولى المهمة

برمتها متعللاً بنقص موارد هيئة الأمم المتحدة، وأهمية معالجة قضايا أفريقيا

كالصومال بنفس الاهتمام، ولا ندري كيف حصل هذا الاهتمام الجديد فجأة بقضية

الصومال التي مزقتها الحروب الأهلية منذ ما يقارب السنة ولم ينتبه الأمين العام لها

إلا يوم بدت الحاجة الماسة لإنقاذ مسلمي البوسنة والهرسك من الحرب الصليبية

التي يشنها عليهم الصرب بكل غطرسة وعنجهية. فهل القصد الاهتمام بالصومال

أم التساهل مع الصرب حتى يتم لهم ما يهدفون إليه من التطهير العرقي المزعوم.

والذي يقومون به على مسمع العالم وبصره.

٤- وبعد تلك المواقف اللا إنسانية من هيئة الأمم المتحدة وأمينها العام شن

عدد من الصحف الغربية والبريطانية منها بخاصة هجوماً على بطرس غالي

وانتقدت تصرفاته غير المسؤولة، وأسلوبه في التعامل مع قرارات مجلس الأمن.

بل وتغيبه عن حضور جلسات مناقشة قضية البوسنة، ونقلت صحيفة اللوموند

(الفرنسية) أن أحد أعضاء مجلس الأمن علق قائلاً بأن (بطرس غالي) عارض منذ

تعيينه في منصبه أي تدخل إضافي للأمم المتحدة في البوسنة والهرسك، وقال آخر: إن مزاج بطرس غالي متوعك تجاه هذه القضية التي تعتبر في غاية المأساوية،

وأنه في غاية الدهشة لهذا الموقف إزاء مأساة تدور أحداثها أمام أعيننا. وإزاء هذا

الهجوم عليه لا سيما من الصحف البريطانية استطاع (غالي) أن يلمز بريطانيا بعد

خلافه مع مندوبها (ديفيد هاناي) إذ قال في معرض شرحه لأسباب الهجوم عليه ربما

لانه دخيل مما أثار ضجة في الأوساط الإعلامية والسياسية الإنجليزية لأن المرادف

لكلمة (دخيل) كما استخدمها (غالي) لفظ جارح، وكان يستخدم سابقاً للإشارة إلى

مواطني الدول الآسيوية المستعمرة من قبل الإنجليز مما يجدد ذكريات مؤلمة عن

ذلك الاستعمار، مما دعا وزير خارجية بريطانيا (هيرد) في مقابلة مع (بي. بي.

سي) إلى الثناء على الأمين العام، وقال المراقبون في لندن: إن تصريح (هيرد)

هذا بمثابة اعتذار الغرض منه غلق هذا الملف.

إن ملف بطرس غالي وموقفه المشين من قضية العدوان الصربي على

المسلمين في البوسنة والهرسك سيظل مفتوحاً يظهر منه مدى الإهمال واللامبالاة من

وقف المعتدين عند حدهم. لو كان ما يحدث للمسلمين هناك حل بغيرهم من

المسيحيين أو غيرهم كاليهود مثلاً ماذا سيكون موقف الأمم المتحدة وأمينها العام يا

ترى؟ لا بد حينئذ أن تعلن الطوارئ وتقوم هيئات حقوق الإنسان بإعلاناتها

المتشنجة حيال وأد حقوق أولئك المعتدى عليهم أما وأن الضحايا مسلمون فلا حياة

لمن تنادي.

ولقد قال مفتي البوسنة والهرسك حيال المواقف المشينة للأمين العام للأمم

المتحدة من قضية بلاده: إن موقف الأمين العام بطرس غالي من قضية شعبي

غريب ومدهش. فأولاً: بلادي دولة مستقلة معترف بها دولياً، وثانياً: إن ما حدث

من الصرب اعتداء واضح وصريح على الشرعية الدولية وتدخل في شؤون دولة

أخرى، وثالثاً: إن ما يقوم به الصرب ليس اعتداءً على شعبي وبلادي فقط ولكنه

اعتداء بشع على الإنسانية جمعاء، وأنهم طالبوا بقوات دولية لحفظ السلام،

والضغط دولياً من خلال المنظمة الدولية على صربيا ولكن للأسف فوجئوا بموقف

الأمين العام السلبي، وتساءل: كيف يكون للأمم المتحدة دور في الحماية ومنع

التدخل كما حصل في بعض المواقع الملتهبة وتمتنع عن اتخاذ إجراءات ناجعة

حينما وقع الاعتداء على شعبه؟ ! وما زال مجلس الأمن يناقش مدى إمكانية إرسال

قوة عسكرية لحماية المعونات الإنسانية ولم يتفقوا بعد، أما حماية البشر فهذا بعيد

فيما يظهر.

ثانياً: ليس هذا هو الموقف السلبي الوحيد لبطرس غالي من قضايا المسلمين، فموقفه من قضية المسلمين في قبرص لا يقل غرابة، فالمسلمون هناك كانوا

الأكثرية في الجزيرة ولكن ببركات بريطانيا والتي فتحت أبواب الجزيرة لليونانيين

حتى صار المسلمون أقلية.. وتعرضوا لحرب إبادة من أولئك الطارئين وكان

لزعيمهم الهالك (المطران مكاريوس) دور في حرب الإبادة ضد مسلمي الجزيرة.

ويتماسك المسلمون تحت قيادة الأستاذ (رؤوف دنكطاش) ولم يحمهم بعد الله من

استئصال عصابات النصارى إلا تدخل الجيش التركي عام ١٩٧٣م حينما كان نجم

الدين أربكان نائباً لرئيس الوزراء التركي، حينها استصدر أمراً باجتياح شمال

قبرص لحماية المسلمين القبارصة وبهذا المنطلق الذي لا يعرف الأعداء سواه قامت

دولتهم شمال قبرص والتي لم تحظَ بعد باعتراف دولي سوى من تركيا نفسها، نجد

(بطرس غالي) يطالب الزعيم المسلم بالتخلي عن الجزء القائم باسم المسلمين -

ويشكل (١/٤) الجزيرة - لصالح اليونانيين. وحاول أن يمارس ضغوطاً قوية في

سبيل تنفيذ ذلك، فدعا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إلى دعم المساعي

الرامية إلى الخروج مما أسماه (الطريق المسدود) الذي وصلت إليه المفاوضات

حالياً لحل المشكلة القبرصية. بينما الحكومة القبرصية الصليبية تحظى بتأييد دول

العالم قاطبة ودعمها، وهي أبعد ما تكون إنصافاً وعدلاً مع قطاع كبير من الشعب

القبرصي المسلم. فبماذا نعلل هذا الموقف من (بطرس غالي) حيال مسلمي قبرص؟ ولماذا لا يكون الحل الجذري للجميع لينال المظلومون حقوقهم، لكن العجب يزول

إذا عرفنا أن نصارى اليونان وقبرص كلهم من الأرثوذكس وإذا عرف السبب بطل

العجب.

ثالثاً: الموقف المتناقض من القرار ٢٤٢ حول قضية الشعب الفلسطيني

المسلم. ونحن بادئ ذي بدء نرفض عملية السلام مع العدو الصهيوني لما يترتب

على السلام معهم من أخطار عقدية وسياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية لا

يتسع المجال لذكرها، ويمكن الرجوع إلى كتيب (لماذا نرفض السلام مع اليهود)

للأستاذ محسن عنبتاوي لكن ما يثير العجب أن القرار ٢٤٢ الذي قبلته الدول

العربية بعد نكسة ١٩٦٧ كان لبطرس غالي رأيه المتشدد في إلزاميته لليهود في

دراسة علمية له نشرها في مجلة (السياسة الدولية) العدد (٤٢) وهي دراسة تستحق

أن تكون أساساً للرد على أي دعوى ترى عدم إلزامية ذلك القرار، لكننا فوجئنا

بتغيير رأيه في مدى إلزامية القرار للعدو في مؤتمر للأمين العام في ٢٠ مارس

الماضي والذي عكس فيه رأيه رأساً على عقب داعياً إلى أن القرار غير ملزم للعدو

الصهيوني.

رابعاً: وحيال مأساة المسلمين في بورما والتي تمثل نموذجاً للمآسي التاريخية

في عصر (النظام العالمي الجديد) لما عانوه من قتل وتشريد واضطهاد، حيث

هرب مئات الألوف من بورما إلى دولة فقيرة هي بنجلادش. ولم يتخذ حيال

العصابة الشيوعية الحاكمة في (رانجون) أي موقف صارم يوقفها عند حدها لا

لشيء إلا لأنهم مسلمون، إنها مأساة شعب يشكو إلى الله غفلة إخوانه المسلمين

ومؤامرة الدول الكبرى وبخاصة صناع النظام العالمي الجديد.

المراجع:

١- المسيحية السياسية في مصر، د. رفيق حبيب.

٢- ومن أهم صحفهم في مصر (الكرازة) دينية الطابع و (وطني) ذات طابع

سياسي.

٣- الحكومة العالمية، د. بطرس غالي.

٤- المجتمع العدد ٩٩٦ والعدد ١٠١٠.

٥- الشرق الأوسط ٤٩٨٥، ٤٩٩٩.

٦- الدعوة العدد ١٣٥١.

٧- السياسة الدولية العدد ١٠٨.