للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تربية

الحركة التعليمية في فلسطين

والسقوط في فم الأفعى

سليم عبد الرحمن الزغل

قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام ١٩٦٧م كانت. هذه

المناطق تخضع للحكم الأردني والحكم المصري؛ فكانت غزة تتبع الحكم المصري

تعليمياً، وكانت الضفة الغربية تتبع الحكم الأردني تعليمياً كذلك؛ وكانت الجهة

صاحبة الشأن في ذلك في الضفة الغربية مثلاً - هي وزارة التربية والتعليم؛ هكذا

سميت دائماً، ولو أنه كان يطلق عليها (وزارة المعارف) في بواكير الحركة

التعليمية في الأردن وفلسطين؛ إذن التربية قبل التعليم؛ هكذا استمر الشعار

مرفوعاً من الجميع؛ لأنه مطلب ينسجم مع الفطرة ويتلائم تماماً مع معايير العقول

مهما اختلفت توجهاتها وتباينت مشاربها، إذ ما قيمة العلم والعلماء إذا ما انحطت

الأخلاق وديست القيم وتبددت المروءات، فهذا هو المربي الأول وأستاذ الأمم

وكأني بصوته لا زال يدوي في سمع الزمن (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ، ولقد

زكاه ربه مادحاً له بقوله [وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ] ، عليه الصلاة والسلام.

من أجل ذلك كانت التربية أولاً ثم يأتي التعليم، وبهذا المفهوم تخرجت

الأجيال من مدراس فلسطين، حيث كان الرجل منهم أستاذاً في مكارم الأخلاق قبل

أن يكون عالماً متخصصاً، وتمضي السنون ويأتي عام ١٩٦٧م وينتكس العرب -

وما أكثر انتكاساتهم - وتدخل البلاد في فم الأفعى ويبدأ التخطيط الصهيوني

الماسوني بجعل (قلاع التربية والتعليم) أوكاراً خاوية من كل المعاني التي لا تصنع

الرجولة والرجال، وجندوا لذلك كل الطاقات وسخروا له كل مكرهم وخبثهم، وبدأ

الصرح يهوي ويتردى.. ولا زال يهوي، ولكن لدينا إيمان راسخ لا يتزعزع

كالشم الرواسي بأنه لابد أن يعود أقوى مما كان رغم السدود.. رغم العواصف

والقيود.

أهم الأسباب.. التي أدت إلى دخول التعليم في المناطق المحتلة في نفق مظلم:

١ - ربط أركان العملية التعليمية برمتها بالمخابرات الإسرائيلية (الشين بيت) ، لأنها مسألة تتعلق بتربية النشء وتنشئة الجيل، لذلك حرص الحكم الإسرائيلي

على الإمساك بكل خيوطها منذ البداية، ليوجه النشء حسبما يريد وكيفما يشاء،

فالمسؤول عن التعليم ضابط عسكري، والجهة صاحبة الاختصاص هي (إدارة

شؤون التعليم) وهي إدارة عسكرية كل أقطابها من الضباط العسكريين.

٢- تعديل المناهج الدراسية واستحداثها وفق خطة صهيونية خبيثة ترمي إلى:

تشويه التاريخ الإسلامي.

النيل من عظماء الأمة وروادها وصانعي مجدها وعزتها بتجاهلهم أو بتشويه

شخصياتهم بصورة خفية - في أذهان النشء.

المبادرة إلى حذف الآيات القرآنية في مختلف المناهج التي تتطرق إلى

الحديث عن اليهود وكشف عقيدتهم وبيان مواقفهم والتنديد بها.

العبث بالخرائط المنهجية بطريقة تخدم الرؤية الصهيونية، فقد استبدل اسم

إسرائيل باسم (فلسطين) وتم إطلاق أسماء يهودية على مناطقها - تكون بديلة

للعربية - مثل يهودا والسامرة، وكذلك استبدال أسماء مدن فمثلاً القدس أصبحت

(أورشليم) ونابلس (شكيم) والخليل (حبرون) وطولكرم (كفار شالوم) وأريحا

(أريحو) على غرار مناطق احتلال عام ١٩٤٨م فقد اسقطت الأسماء العربية برمتها

هناك، حتى إن الجيل الناشئ هناك لا يكاد يعرف شيئاً عن أسمائها العربية إلا

النزر اليسير، كما تم العبث بحدود دول المنطقة في تلك الخرائط.

مسخ المناهج التي تدرس التربية الإسلامية لطلاب المدارس بصورة غثة لا

تسمن ولا تغني من جوع، ولا تحقق المستوى الأدنى من المعرفة لطالب ينتمي

للإسلام، فيتخرج طالب المرحلة الثانوية وهو أمي من الناحية الدينية! ؟

٣- انتشار التصرفات الفوضوية وغياب قواعد الأخلاق من المدارس

وساحات الدرس، الأمر الذي أدى إلى غياب الاحترام والتقدير والتبجيل التي كان

يحظى بها المعلم فيما مضى، فمع قدوم الاحتلال إلى البلاد أشيع فيما أشيع من

الأمور أن التأديب المتمثل بالضرب (غير المبرح) وتخويف الطالب أياً كان نوعه

ممنوع بل يعتبرونه جريمة نكراء وكذلك (تأنيب الطالب وزجره وتقويمه) يعتبر من

الممنوعات والمحظورات، فأدى كل ذلك إلى بدء تطاول الطالب على المعلم وتحديه

في ساحات الدرس وخارجها! وكم من معلم ضُرب واعتدي عليه في داخل المدرسة

أو خارجها، فغابت هيئة المعلم أو كادت، الأمر الذي نجم عنه انحطاط وتقويض

أسس التربية وقواعد الأخلاق التي كان يتميز بها شعب فلسطين منذ القدم، وصار

من الأمور البديهية أن يمثل المعلم أمام القضاء المتعفن لأن الطالب قد شكاه ومرد

كل ذلك إلى التحريض الخفي والمبطن الذي يمارسه الإعلام اليهودي من خلال

وسائله المختلفة، والإعلام العربي المحلي المهزوم.

٤- بروز ظاهرة العمالة الطلابية في المصانع والمعامل والمزارع والمنشآت

اليهودية، فمع قدوم الاحتلال بدأ الترويج لفكرة العمل في المنشآت داخل الخط

الأخضر، ولما كان الناس في أحرج الظروف وأقساها في المخيمات وغيرها، ولا

يجدون أمامهم إلا مصانع إسرائيل ومزارعها، بدأت قوافل العمال تُغِذُّ السير إلى

العمل هناك في كل صباح، وجرفت الموجة كثيراً من طلبة المدارس حيث عمدوا

إلى ترك مقاعد الدرس ويممّوا داخل الخط الأخضر، فبريق العمل هناك كان له

لون آخر! نسبة كبيرة من الطلاب كانت تذهب للعمل ليلاً، بعد الدوام المدرسي

إلى ما بعد منتصف الليل، حتى إذا عاد الى بيته استغرق في النوم بقية الليل

ونصف النهار الآتي وبهذا يكون كالقسم الأول من النتيجة، ناهيك عن الانحراف

والضياع الذي ينتظر أولئك الأغرار في المصانع والمنشآت، حيث العمل للجنسين

جنباً إلى جنب.

٥- تفشي ظاهرة وهي لا تقل خطورة عن سابقتها - وهي انضمام كثير من

المعلمين إلى قوافل العمل الليلي في المصانع والمنشآت الإسرائيلية، وذلك لأن

راتب المعلم غالباً لا يكفي لإعاشته وأسرته - وهي سياسة إسرائيلية لخلق القلق في

نفس المعلم وغيره من طبقات الأمة - فما كان من كثير منهم إلا أن ركب الموجة

والتحق بالعمل الليلي تحت ضغط الحاجة، الأمر الذي أدى إلى انحطاط خطير في

مستويات التعليم المدرسي، فالمعلم الذي يعمل في الليل لا بد له أن ينام في النهار،

وكذلك الطالب وغالباً ما يكون ذلك على طاولة الفصل، - فصار المرسل

والمستقِبل في حالة عطب - وأشد خطورة من هذا وذاك - زمالة العمل التي

صارت تربط بين المعلم والطالب في مواقع العمل، وما نتج عنها من رفع التكليف

بينهما ورفع الحواجز النفسية التي كان وجودها ضرورياً، فصار زميل العمل في

الليل هو المعلم في النهار، وبذلك قلّت هيبة المعلم في نفس الطالب وزهد فيه.

٦- عدم إسناد الوظائف الإدارية الهامة إلا لمن يرتبط بعلاقات وثيقة مع

الحكم العسكري والمخابرات (الشين بيت) أو لمن يثبتون ولاءهم المطلق لتلك

الجهات على أرض الواقع، كوظيفة (مدير تعليم) أو (مدير مدرسة) أو (موجه

إدارة) أو عن طريق جهات لها نفس الصلات بالحكم العسكري، وتقوم بخدمته وفق

ما يطلب ويتمنى، وبهذا الإجراء المخابراتي المدروس ضمن الحكم العسكري

أوضاع المدارس والمعاهد العلمية في حدود سياساته المرسومة والمبرمجة،

فالتقارير والوشايات وتلفيق التهم والكيد للشرفاء والأحرار تتواصل تباعاً حول

مجريات الأمور في كل وقت وحين، كما يتم بواسطة هؤلاء وأمثالهم الإبلاغ عن

كل كبيرة وصغيرة تتعلق بقضايا الاحتلال الأمنية والسياسية والعسكرية وبكل

صراحة ووضوح، إلى حد التبليغ عن أسماء التلاميذ الذين يخرجون في مظاهرات! وباختصار: يقوم هؤلاء المرتزقة بتنفيذ السياسة التعليمية التي يريدها الحكم

العسكري بكل دقة وانتباه.

٧- تعمد المخابرات العسكرية بالتعاون مع الحكم العسكري وضباط الإدارة

الرسمية لشؤون التعليم بالمناطق المحتلة، إلى الإيقاع بعدد كبير من المعلمين في

حبائل المخابرات (الشين بيت) وعملائها ويتم برمجتهم كشبكة معلومات واسعة

الانتشار لتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات المختلفة عن المعلمين والطلاب في

كافة المناطق، وهذا يضمن للحاكم العسكري أكبر قدر ممكن من الاختراق السهل

واليسير للعملية التعليمية في المناطق المحتلة، فيقوم الواحد من هؤلاء المرتزقة

بتسجيل حركات وسكنات كل واحد من زملائه المعلمين على مدار العام، وعلى

ضوء ذلك يتم التعامل مع المعلمين كل حسب نشاطه وانتمائه، حيث يتم في نهاية

الأمر معاقبة مجموعات كبيرة إما بالفصل (الوقف عن العمل) أو الإحالة على

التقاعد قبل حلول الموعد المحدد لذلك بسنوات، أو النقل إلى جهات نائية جداً

بحيث يضطر المعلم إلى صرف كل راتبه على وسائل المواصلات أو المحاكمات

العسكرية الصورية، ومن هؤلاء المعلمين من هم في سن الشيخوخة رجال أفاضل

أفنوا أعمارهم في تربية الأجيال وتهذيب النشء، فيكون مصيرهم أن توكل أمورهم

إلى هؤلاء الأشرار من العملاء أعداء الأمة لنيل الخطوة والمدح والثناء عند الحاكم

العسكري!

٨- أما ثالثة (الأثافي) وكارثة الكوارث فهي أن تقوم أجهزة المخابرات

باصطياد الكثير من الطلاب صغار السن وتجنيدهم عملاء لها وذلك عن طريق

إغوائهم وإغرائهم بالمال وغيره وذلك بنقل ما تيسر لهم من المعلومات والأخبار عن

الطلاب من الطلاب، والمعلمين وعن أحوال مدارسهم أولاً بأول، ووصلت الوقاحة

ببعض هؤلاء الأغرار أن يقوم بتهديد معلميه بضباط المخابرات علناً وأمام التلاميذ!!

٩- قيام سلطات الاحتلال بفصل مجموعات من المعلمين النشطين فصلاً

تعسفياً كمحاولة منها لقطع أرزاقهم، وما يجدر ذكره أن السواد الأعظم من المعلمين

الموقوفين عن العمل هم من الحركة الإسلامية وأصحاب الاتجاه الإسلامي وذلك

بقصد حرمان الجيل من التربية الإسلامية وإبقائه يتخبط في بحور الظلام،

وبموجب قرار الفصل يتم حرمان المعلم من كافة حقوقه وامتيازاته الوظيفية..

١٠ - رواتب المعلمين الفلسطينيين المتدنية والتي لا تؤمن الحد الأدنى من

الحياة الكريمة للمعلم وأسرته بعكس المعلم الإسرائيلي الذي يتقاضى أضعاف ما

يتقاضاه نظيره الفلسطيني، ويكون راتبه مربوطاً بجدول غلاء المعيشة بشكل كامل، مع تأمين كافة خدمات أسرته الصحية والتعليمية وغيرها. والتهاون بحقوق

المعلمين الوظيفية والمدنية فمثلاً لقد تم وقف صرف رواتبهم لفترات طويلة أيام

الانتفاضة بحجة انقطاع الطلاب عن الدوام المدرسي علماً بأن المعلم كان يداوم

يومياً وبلا انقطاع!

١١- نصاب المدارس من المعلمين والموظفين لم يكتمل في يوم من الأيام،

فتكاد لا تجد مدرسة إلا ويعتريها النقص في عدد المعلمين قد يصل إلى خمسة

معلمين أو أكثر في المدرسة الواحدة أحياناً، لأن من مصلحة الاحتلال التوفير في

هذا المجال، ولأن التعليم بحد ذاته ليس غاية يسعى إليها، كما وإن المعلم الموقوف

عن العمل لا يتم تغطية مكانه الشاغر وإنما يبقى كذلك حتى نهاية العام.

١٢- زيادة أسعار الكتب بشكل كبير، وكذلك الرسوم المدرسية التي يدفعها

الطالب في مستهل العام الدراسي الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على ولي أمره الفقير

أو متوسط الحال.

١٣ - وضع المباني المدرسية المزري، وعدم القيام بصيانتها أو ترميمها،

فترى كثيراً منها في وضع سيئ ومهلهلة وتحتاج إلى إعادة النظر في مرافقها،

ولكن أمراً كهذا لا يدخل في دائرة اهتمام السلطات هناك.

١٤- قضية التعيين: إن التعيين في سلك التربية والتعليم في الأراضي

المحتلة لا يعتمد على المؤهل أو التقدير بقدر ما يعتمد على الجهة المخولة بالبت في

هذا الموضوع، فيتم تعيين ما نسبته ٩٥% من الاحتياج عن طريق المخابرات،

أما الـ ٥% المتبقية فيتم تعيينهم عن طريق إدارات التربية والتعليم التي لا تبتعد

كثيراً عن الاتجاه نفسه! فقد حدث أن أوقفت فتاتان عن العمل ليحل محلهما غيرهما

بناءً على طلب ذويهما، حيث إنهما من عملاء الحكم العسكري! ! ؟

١٥- ما قيل عن الأوضاع في المدارس يمكن أن يقال عن الأوضاع في

الجامعات الفلسطينية والمعاهد والكليات المتوسطة ما عدا قضية المناهج التي تتحكم

فيها مؤسسات الجامعات دون تدخل من أحد (هذا فيما يشر لنا) أما بالنسبة لتأسيس

هذه الجامعات فهذه قضية بادرت إليها بعض العائلات الظاهرة في المجتمع

الفلسطيني فمثلاً (آل المصري) في (نابلس) هم أصحاب النفوذ في تأسيس جامعة

النجاح الوطنية، و (آل ناصر) في (رام الله) هم أصحاب النفوذ في تأسيس جامعة

بير زيت و (آل الجعبري) في (الخليل) هم أصحاب النفوذ في تأسيس جامعة الخليل، وهكذا دواليك، وتتصرف كل من هذه العائلات في أمور الجامعة، كملكية خاصة

كيفما تشاء وتشتهي وبشكل لا يغضب الحكم العسكري بالتعاون مع مجلس الجامعة

المعين من قبل تلك العائلة وغيرها.

١٦- إحداث ظاهرة الفصول المختلطة (طلاب وطالبات) في مختلف المراحل

الدراسية، وكذلك إحداث ظاهرة وضع نسبة من المعلمين ليقوموا بأعمال التدريس

بمدراس البنات الأمر الذي أثر سلباً على العملية التعليمية لكونه يتنافى مع عادات

وعقيدة الشعب الفلسطيني!

وكذلك اعتماد أسلوب التشريد الوظيفي والبعثرة المهنية، فأبناء الجنوب

يعينون في الشمال والعكس هو الصحيح بحيث يتوجب على الواحد منهم الاستيقاظ

قبل الفجر بساعات ليتمكن من اللحاق بدوامه المدرسي ولا يعود إلى بيته إلا عند

الغروب، الأمر الذي يجعله في حالة استنفار طوال اليوم! !

موقف منظمة التحرير الفلسطينية.. إزاء المعلمين الموقوفين عن العمل في الأراضي المحتلة:

لا بد من الإشارة في هذا المقام إلى العنصرية البغيضة والعقلية الحزبية التي

تتصف بها منظمة التحرير في التعامل مع الناس في شتى الأمور والقضايا، فقد

كان هناك توجه لدى منظمة التحرير بصرف رواتب للمعلمين الذين يتم وقفهم عن

العمل ورعايتهم باستثناء المعلمين من الحركة الإسلامية وأصحاب الاتجاه الإسلامي!

ولا زلت أذكر أنه عندما تم وقفنا عن العمل قامت المؤسسات العاملة بالأردن، التابعة لمنظمة التحرير باعتماد صرف رواتب للمعلمين الموقوفين عن العمل، مع

استثناء معلمي الاتجاه الإسلامي وعدم الالتفات إليهم نهائياً. وهذه كلمة نقدمها

للتاريخ، فقد كنا سعداء لأننا كنا نحتسب ذلك عند الله وليس عند فلان أو فلان،

وإن دعوتنا وتصدينا للباطل لم تكن سلعة نتاجر بها [قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ

إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى الله وَهُوَ عَلَى- كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] ، ولكن كان لا بد من تسطير

هذه الملاحظة حتى يعلم الناس من هم أولئك الذي يدّعون أنهم يمثلون شعب فلسطين، ويتبنون المتاجرة بالشعارات المحروقة أسلوباً لهم!

محاولة امتهان كرامة المعلم من قِبَل سلطات الاحتلال وأعوانها:

في منتصف الثمانينات وعلى وجه التقريب وجهت دعوة رسمية لكل معلم

بمنطقة طولكرم بحضور حفل افتتاح (مدرسة السلام) بمدينة قلقيلية تحت رعاية

الحكم العسكري، وأقيم الحفل وأقيمت منصة كبرى جلس عليها الضباط من اليهود، وعناصر روابط القرى العميلة، ومدير التربية والتعليم، بينما جلس آلاف

المعلمين في الساحات السفلى بكراسي متراصة وكان الفصل شتاءً والبرد قارصاً،

وما هي إلا دقائق حتى انهمر المطر غزيراً ومدراراً، وغرق المعلمون في ثيابهم،

ولم يستطيع أي منهم التحرك لا يميناً ولا يساراً بينما جلس أصحاب المنصة

يحتسون المشروبات المختلفة بكل نشوة وسرور تحت مظلة كبرى أعدت لهم! !

إنه امتهان لكرامة الإنسان مع سبق الإصرار والترصد.

إن ما ذكر ليس كل شيء بالنسبة لقضايا التعليم في الأرض المحتلة؛ بل ما

هو إلا غيضاً من فيض، وإنه مع بروز ظاهرة الصحوة الإسلامية المباركة هناك

أخذت الأمور تعود إلى سابق عهدها شيئاً فشيئاً، وكذلك فإن الانتفاضة التي انطلقت

من مرابض الحركة الإسلامية ومساجد فلسطين ساهمت إلى حد كبير في نسف

وتبديد ظاهرة الركوع والانحناء لمخططات اليهود وأعوانهم.