للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طبيب الأسرة

مص الإبهام

د. محمد اهليل

إن عادة مص الإبهام أو الأصابع ظاهرة شائعة بين الأطفال، فهي مقبولة من

الناحية الطبية لمن هم دون سن الثالثة. أما بعد سن الرابعة فقد يكون تعلق الطفل

بإبهامه أو بأصابعه هو المؤشر الوحيد على وجود قلق نفسي أو اضطراب عاطفي

عند الطفل. إن ١٠% من الأطفال ما بين ٦-١٢ سنة مبتلون بهذه العادة. قد

يصاحب هذه الظاهرة عادات مضطربة أخرى مثل:

- شد الشعر: حيث يقوم الطفل بوضع أصابعه بين ثنايا شعره وشده، وذلك

على فترات، أو يقوم بلف خصلات من شعره حول أصبعه أو أصابعه بطريقة

عصبية متوترة واضحة للعيان دون أن يحس بها هو نفسه.

- قضم الأظافر.

- أرجحة الجسم.

- صرّ الأسنان.

- ضرب الرأس.

- فرك أجزاء الجسم كاليدين مثلاً.

إن السمة المشتركة بين هذه الظواهر أنها نفسية المنشأ: فهي محاولة من

الطفل - دون أن يعي - التخفيف من حدة التوتر الذي يحس به. إن بعض هذه

العادات أكثر مضايقة للأهل من عادة مص الإبهام ذاتها.

ما هي المشاكل الناتجة عن عادة مص الإبهام؟

إن الطفل بمصه إبهامه أو أصابعه ومحاولته تهدئة نفسه إنما يحل مشكلة

واحدة ويترك مشاكل عديدة تنشأ وهي:

١- سوء إطباق الأسنان الدائم هذه أهم مشكلة جسدية قد تنجم عن عادة مص

الإبهام لفترات طويلة ومستمرة خصوصاً إذا استمرت هذه العادة بعد سقوط الأسنان

اللبنية وظهور الأسنان الدائمة، إن درجة سوء إطباق الأسنان الناجم عن مص

الإبهام متفاوتة في شدتها حسب عوامل كثيرة منها: قوة ومدة وكثرة أو قلة مص

الأصابع /الإبهام. وقد يصل سوء إطباق الأسنان إلى مرحلة متقدمة تبرز فيها

الأسنان العلوية للأمام بشكل واضح كما ينحرف الفك العلوي للجهة التي يوضع فيها

الإبهام. كما أنه عند إطباق الفكين تظل هناك فجوة واضحة بين الأسنان. إن

حالات مص الإبهام الشديدة قد تسمع من الغرفة المجاورة مثلاً.

٢- عادة مص الإبهام قد تخل بالنشاط اليومي للطفل: فالطفل الذي يشغل

ذهنه وقواه العقلية بأصبعه وفمه فقط لن ينتبه للأمور الأخرى المحيطة به وعدم

الانتباه هذا سيقلل من تفاعله مع الآخرين: فاستخدامه ليديه سيقل لأن إحداهما في

فمه. ويقل أيضاً استخدامه لفمه ولسانه مما قد يؤثر على لغته وتطور قدرته

التعبيرية في التفاعل مع الآخرين، وبالمجمل فإن مشاركته الجسدية واللغوية تقل.

٣- لعادة مص الإبهام مردود نفسي سيء على الطفل وذلك لشعور الأبوين

بالضيق والحرج لتصرف الطفل لا سيما أمام الناس، وهكذا ينعكس على

تصرفاتهما معه والتي قد تتصف بالقسوة وتتخذ من الزجر والتقريع (ولربما الضرب

أحياناً) وسائل علاج.

هل من علاج؟

عادة ما ينصح الآباء بإهمال شأن هذه العادة لأن معظم الأطفال يتخذونها

وسيلة تخفيف لحدة توترهم، والطفل يقلع عنها عندما يحس بالطمأنينة التي تعوضه

عن اللجوء لهذه العادة لتهدئة نفسه.

من المهم أن يدرك الأبوان أن أي محاولة علاج مصيرها الفشل - في غالب

الأحيان - ما لم يكن الطفل قد وصل إلى سن معينة يستطيع معها أن يدرك المشاكل

الصحية التي قد تنجم عن عادة مصه إبهامه وبالتالي استنفار دوافعه الذاتية لوقفها.

وقبل استشارة الطبيب، كثيراً ما يحاول الأهل اللجوء إلى أساليب متنوعة

مثل: لف يد الطفل أو ربطها، إلباسه قفازاً، وضع مواد حارة (كالفلفل) أو مواد

مرة الطعم أو الاستعاضة عن الإبهام بالمُسْكِتَة (المصاصة) . وما لم يدرك الطفل

جيداً سبب اختيار الوسيلة العلاجية ووجود رغبته في المشاركة في المعالجة، فإنه

بلا شك سينظر لهذه الوسيلة العلاجية كعقاب مما قد يزيد من ردود فعله السلبية

ويرفع من حد توتره.

وإليكم بعض النصائح الطبية التي قد تعين في التخلص من هذه العادة:

١- من الضروري أن يحاول الأهل تحديد سبب توتر الطفل والذي قد يدفعه

لمص إبهامه، ويكون ليس بمساءلته بل بمراقبة سلوكه في البيت وملاحظة

الحوادث التي تزيد من مصه إبهامه. فمثلاً: قد يكون إفراطهم في مداعبة أخيه

الأصغر وإهمالهم له السبب المؤدي لتوتره ومن ثم يحاول الأبوان - ما أمكن -

العمل على تفادي أو التقليل من بروز العامل المسبب لتوتر الطفل.

٢- على الأهل العمل على ضبط مشاعرهما أمام الطفل وعدم التصرف

بانفعال عند رؤيته يمص إبهامه وعدم محاولة ضربه أو زجره خصوصاً أمام

الآخرين أو محاولة جذب أصبعه خارج فمه (يستثنى من هذه الحالة الأخيرة: أثناء

نوم الطفل ولا بأس من إخراج إبهامه من فمه برفق) . كما لا يجوز جعل الطفل

أضحوكة في البيت بسبب هذه العادة.

٣- زيادة الوقت الذي يقضيه الوالدان مع الطفل وملء هذا الوقت بما يشغل

الطفل من أمور نافعة تتناسب مع عمره كاللعب أو التدريس مثلاً.

٤ - محاولة إشغال يدي الطفل معظم الوقت - ما أمكن - باللعب أو الكتابة

وذلك بما يناسب سنه..

٥- إعادة تشكيل سلوك الطفل: وذلك بتعزيز سلوك الطفل في الفترات التي

لا يمص فيها إبهامه: فمثلاً كلما زادت الفترات التي يقلع فيها عن مص إبهامه

خلال فترة زمنية معينة (أسبوع مثلاً) أو قل عدد المرات التي يمص بها إبهامه في

نفس الفترة يعطى الطفل جائزة معنوية أو مادية: كأن يعطى كل أسبوع شارة

(نجمة ورقية ذهبية اللون) تلصق في كراس خاص له وعندما يجمع عدداً معيناً منها

يعطى جائزة بسيطة: كقلم أو قصة للأطفال لتشجيع سلوكه للإقلاع عن مص

أصبعه.

من المهم أن نذكر أن بعض الحالات قد تخفق معها هذه الوسائل وهي الحالات

الشديدة، وهذه تحتاج إلى رأي الطبيب النفسي أو تحتاج إلى استخدام بعض

الأجهزة الطبية التي توضع بالفم للحيلولة دون وضع الطفل يده داخل فمه.